المذموم والقبيح هو تعالى، لا غيره من المبدأ التخيلي الذي اعتقدته الثنوية.
وإن شئت قلت: المسألة الأولى مردودة بالآية، وتدل على أن المبدأ الأصيل القديم واحد، وأما ما عن جمع من الفلاسفة: بأن فاعل كل شئ واحد، لأنه لا شر في العالم حتى يكون له المبدأ الآخر، فهو أيضا مردود بها، لأن المستفاد منها أن المرض شر ويذم عليه.
فعلى هذا يبقى سؤال: وهو أن الله تعالى محمود في فعاله، ولا يمكن أن يصدر منه قبيح، ولا يفعل إلا خيرا، فكيف يمكن استناد الشر إليه؟ فما في كتب التفسير من تنزيه الحق بدعوى أن النسبة مجازية، خارج عن أفق التوحيد وأدلته الناهضة على أن كل شئ مستند إليه تعالى في وجوده وتحققه، فالنسبة حقيقية جدا، وهو مقتضى الأصل والظاهر.
والجواب على مشرب التحقيق الحقيق بالتصديق، والموافق للنظر العميق والوجهة الفلسفية على مبانيها المحررة في كتبها، ومنها " قواعدنا الحكمية ": هو أن النظام الجملي الأتم على ترتيب الأسباب والمسببات حتى يصل كل طبيعة - حسب القابلية المودوعة فيها - إلى كمالها اللائق بحالها، ويتميز الحق من الباطل والفاعل عن التارك والمسافر عن القاطن، والذي يهيئ أسباب الحركة إلى الخيرات، عن الذي يهيئ أسباب الحركة إلى الشقاوة والشرور والظلمات.
فيتنزل الفيض المقدس الرباني من سماء الألوهية، وسالت الأودية بقدرها، فلو كانت النطف المزروعة في الأراضي القابلة، والبذور المبذورة في المحال المقررة، ذ ات خصوصيات، فستهتدي بتلك