تعالى وتنزيهه عن ألواث الشرور والمفاسد وتبعاتها (1).
وجه الاستدلال معلوم وواضح، حيث قال صريحا: * (فزادهم الله مرضا) *، ولا شبهة في أن المرض من الشرور، سواء كان هو الكفر أو غيره.
ولنا أن نقول: ظاهر هذه الآية خصم الفلاسفة القائلين: بأن الشرور أعدام (2)، فإنها لو كانت عدما لما كان يقبل الجعل مع أن الزيادة لا تتصور في الأعدام.
وبعبارة أخرى: إن البحث المزبور عندنا كان يرجع إلى البحث الآخر: وهو أن الشر هل يمكن أن يتعلق به الجعل، حتى يبحث عن أنه فعل مبدأ الخيرات، أم فعل المبدأ الآخر؟ فإذا كان الشر أمرا غير قابل للجعل، ويكون ما يتصور من الشر خيرا واقعا، يسقط النزاع المزبور، ويتفق عليه أهل الحل والعقد طبعا.
ولكن الآية الشريفة تضمنت أن ازدياد المرض من الله تعالى مع أن المرض من الشرور، فتكون الآية دليلا على مسألتين:
الأولى: أن إرجاع الشرور إلى الخيرات في غير محله، لأن الآية بصدد مذمة المنافقين ومذمة من في قلوبهم من المرض يخالون المرض شرا لا خيرا.
والثانية: على أن فاعل هذا الشر هو الله تعالى، وفاعل هذا المعنى