ويمدهم في طغيانهم) * (1)، وإليها يشير اللام، وأيضا - في نهاية البلاغة - بعد كون الجملة في مقام البشارة، توصيف العذاب بالأليم، ولا سيما على كونه في مقام المبالغة والتشديد، بناء على إمكان هذا النحو من المبالغة، وقد مر أن كون الأليم بمعنى المؤلم مما قد صرح به أهل اللغة، ولكنه اجتهاد منهم، فيكون على احتمال صفة العذاب، وتعتبر مبالغة لأجل تجاوز ألمه إلى غيره، كما في اعتبار الطهور صفة للماء واعتبار الشاعر للشعر، فيقال: شعر شاعر، ومنه: الجد للجاد.
ثم إن هذه الآية لاشتمالها على إيهام استفادة كون العذاب الأليم، مستندا إلى المرض الذي زاده الله وإلى تلك الزيادة، خصوصا وهذا مما لا يمكن تصديقه أحيانا لذوي الأفهام البدوية، تعرضت لإفادة أن هذا العذاب الأليم مستند إلى فعلهم الصادر عنهم بالاختيار، دون الله تعالى، ودون ذواتهم وأوصافهم الغير الاختيارية.
فمن هذه الجهة تكون الآية مشتملة على أرقى جهات البلاغة، وأحسن أسلوب البحث في ضمن تشريح أحوالهم السيئة، مع أن المتراءى من سياق الآيات: أن ختم الآية بقوله: * (ولهم عذاب أليم) * كان أقرب إلى أوزان الآيات، ولذلك ترى في الآية السابقة: * (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم) *.
ولكن مع ذلك استزادت الآية لحل المشكلة - هنا وفي الآية الأولى - بقوله تعالى: * (بما كانوا يكذبون) *، حتى يكون العذاب العظيم والأليم،