مفاسدهم ومقاصدهم، وتومئ إلى لزوم التوجه إلى انتشارهم بين المؤمنين، حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، فأظهر الله تعالى أضغانهم ومكايدهم، وأبرز ممشاهم وطريقتهم، من غير أن يكون النظر إلى جماعة معينين، أو كان في عصر نزولها واحد منهم، بل من الممكن أن لا يكون منهم أحد، إلا أن القرآن نبه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك، مخافة وقوعه (صلى الله عليه وآله وسلم) في إضلالهم إذا اتفق أحيانا من يحذو حذوهم.
وبالجملة: لا وجه لاختصاص الآية بطائفة خاصة من المنافقين حين النزول، ولا دليل على تمامية سبب النزول. والأمر سهل.
وفي بعض التفاسير: إنما نزلت صفات المنافقين في السور المدنية، لأن مكة لم يكن فيها نفاق، فلما هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة، وكان بها الأنصار من الأوس والخزرج، وكانوا في جاهليتهم يعبدون الأصنام على طريقة مشركي العرب، وبها اليهود من أهل الكتاب على طريقة أسلافهم، وكانوا ثلاث قبائل بنو قينقاع حلفاء الخزرج، وبنو النضير وبنو قريظة حلفاء الأوس، فلما قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة أسلم من أسلم من الأنصار من قبيلتي الأوس والخزرج، وقل من أسلم من اليهود، ولم يكن إذ ذاك نفاق أيضا، لأنه لم يكن للمسلمين بعد شوكة تخاف، بل كان (صلى الله عليه وآله وسلم) وادع اليهود وقبائل كثيرة من أحياء العرب حوالي المدينة، فلما كانت وقعة بدر العظمى، وأظهر الله كلمته وأعز الإسلام وأهله، قال عبد الله بن أبي بن سلول - وكان رأسا في المدينة، وهو من الخزرج، وكان سيد الطائفتين في الجاهلية، وكانوا قد عزموا على أن يملكوه عليهم، فجاءهم الخير وأسلموا، واشتغلوا عنه، فبقي في نفسه من الإسلام وأهله، فلما كانت وقعة