المتكلم يريد نقل المستمع إلى مرامه ومراده الجدي لأدنى مناسبة تقتضيه، فتدبر.
هذا هو الحق الصريح في هذه المواقف من المجازات، ولا شبهة عندنا تعتريه، ولا شك لدينا فيه.
إلا أن قضية الذوق السليم والفهم المستقيم - على تقدير التنازل - هو غير ما ذهب إليه هؤلاء التلاميذ، وذاك أن من كان يرى ويدعي أن تمام حقيقة القلب والسمع والبصر، هو الإدراك والتصديق الصحيح والإيمان بالغيب والاستماع وإبصار الحقائق الغيبية وأسباب الهداية، يصح له أن يرى في هذه اللحظة ويدعي أن القلب والسمع والبصر التي ليست كذلك، فإما ليست بقلب ولا سمع ولا بصر، كما إذا ادعى أن تمام حقيقة الرجولية هي البطولة والشجاعة، وإذا لم تكن البطولة في الرجل فليس برجل، وينادي " يا أشباه الرجال، ولا برجال، وحلوم الأطفال "، أو يدعي أنها قلوب مختومة وأبصار مغشية كسائر الأشياء المختومة والمغشاة.
وهذا ليس من الاستعارة، ولا من المجاز في اللفظ، بل هو تلاعب في المعاني، وتوسعة في نطاق المعنى الموضوع له، مدعيا أن هذا من الختم ومن الغشاوة واقعا وحقيقة، ولأجل ذلك يسمى هذا بالحقيقة الثانية، وليست من الحقيقة الادعائية الكمالية، فإنها غير هذه الحقيقة وبين المقالتين فروق مذكورة في كتاب " الوقاية " لعلم الهدى والعلامة الفذ، الشيخ محمد رضا الأصفهاني - تغمده الله تعالى بأغلفة أنواره وبركاته ورحمته - وسيظهر في البحوث الآتية وجه آخر لكون النسبة إليه تعالى على وجه الحقيقة الأولية أيضا إن شاء الله تعالى.