الثاني: أن هذه الأمور محسوسة، وقد روي عن مجاهد أنه قال: " إذا أذنب العبد ضم من القلب هكذا - وضم الخنصر - ثم إذا أذنب ضم هكذا، وضم البنصر، وهكذا إلى الإبهام، ثم قال: وهذا هو الختم والطبع والرين ".
وهو عندي غير معقول، ولا يخفى ما فيه من السخافة (1).
الثالث: ما ذهب إليه المحققون، وهو أن الختم استعير من ضرب الخاتم على نحو الأواني، لإحداث هيئة في القلب والسمع مانعة من نفوذ الحق إليهما، كما يمنع نقش الخاتم تلك الظروف من نفوذ ما هو بصدد الانصباب فيها، فيكون استعارة محسوس لمعقول بجامع عقلي، وهو الاشتمال على منع القابل عما من شأنه أن يقبل، ثم اشتق من الختم ختم، ففيه استعارة تصريحية تبعية.
وأما الغشاوة فقد استعيرت من معناها الأصلي لحالة في أبصارهم تقتضيها، لعدم اجتلائها بالآيات، والجامع ما ذكر، فهناك استعارة تصريحية أصلية أو تبعية، إذا أولت الغشاوة بمشتق، أو جعلت اسم آلة على ما قيل (2).
الرابع: أن في الكلام استعارة تمثيلية، بأن يقال: شبهت حال قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم - مع الهيئة الحادثة فيها المانعة من الانتفاع بها - بحال أشياء معدة للانتفاع بها في مصالح مهمة مع المنع من ذلك بالختم والتغطية، ثم يستعار للمشبه اللفظ الدال على المشبه به، فيكون كل واحد من طرفي التشبيه مركبا، والجامع عدم الانتفاع، وهو أمر عقلي