المعدوم، وإن المعاد في المعاد غير الموجود في البدء.
وهذه الفرق كلها يمكن اندراجها في هذه الآية. نعم الكافر بأنعمه تعالى وكافر الأحكام وتاركها، لا يندرجان تحتها إلا على وجه بديع، وهو أن هذه الآية - كما تكون ساكتة عن متعلق الكفر - ساكتة عن المنذر منه، وساكتة عن متعلق قوله: * (لا يؤمنون) *، فعند ذلك تحصل النتيجة المقصودة، وتصير الآية في غاية البلاغة، لأن من البلاغة الراقية كون الكلام قابلا للشمول العام لجميع الأقسام.
ومن هذه الأقسام: الكفر المقالي، والكفر الجناني، والكفر الحالي، والقلبي، والكفر الشهودي، أو التحققي.
وفي اعتبار آخر: الكفر الفطري، والكفر العارضي، وفي قبال هؤلاء الكفار المؤمنون، فإن من المؤمنين من يؤمن باللسان في مقابل الكافر المقالي، كقارون حين قال: * (إنما أوتيته على علم) * (1) أو فرعون، كما زعم في حقه أنه إذا قال: * (أآمنتم به قبل أن آذن لكم) * (2) فكأنه المؤمن الكافر مقالا، ومن المؤمنين من يؤمن قلبا وجنانا وحالا وروحا، في مقابل المنافقين الذين هم كفروا قلبا ويؤمنون مقالا ولسانا، وكعامة الناس فإنهم مؤمنون قولا واعتقادا، ولكن الإيمان لم يرسخ في قلوبهم، ولما يدخل الإيمان في أرواحهم وقلوبهم.
ومن المؤمنين من يؤمن بهذه الأمور، ويكون إيمانه شهوديا أو تحققيا