وهذه الأخبار قد اشتركت بحسب ظاهرها في الدلالة على الأمر بالاستئناف متى ذكر نسيان المسح في صلاته والجواب عنها (أولا) - أنها أخص من المدعى فلا تنهض حجة.
و (ثانيا) - أنه يحتمل حمل الأمر بالمسح بعد الانصراف - بمعنى قطع الصلاة - على المسح من بلة شعره بناء على أن ثمة بلة حسبما تضمنته الروايات المتقدمة، وهذا الاحتمال في رواية أبي بصير أقرب منه في غيرها. وأما الأمر بالمسح فيها من بلل لحيته مع الشك فمحمول على الاستحباب استظهارا. وأما الأمر بتناول الماء إن كان أمامه في صورة الشك فلعله مخصوص بهذه الصورة.
و (ثالثا) - بحمل قوله (عليه السلام): " يمسح رأسه ورجليه " على أنه كناية عن إعادة الوضوء بسبب فوات الموالاة، فإن التعبير بمثله مجاز شائع في الأخبار، ومنه ما تقدم في حسنة الحلبي (1) حيث قال: " إذا ذكرت وأنت في صلاتك أنك قد تركت شيئا من وضوئك المفروض، فانصرف وأتم الذي نسيته... " فإنه لا يستقيم على اطلاقه إلا بحمل الاتمام على إعادة الوضوء، إذ لو جف السابق على العضو المنسي المقتضي لفوات الموالاة، لم يكف الاتمام البتة بل تجب الإعادة.
و (رابعا) بأن بإزائها من الأخبار المتقدمة ما هو صريح في أن الحكم في هذه الصورة هو الأخذ من بلة ما في الوجه وإلا فإعادة الوضوء، ويدل أيضا على الإعادة - زيادة على ما تقدم - موثقة سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " من نسي مسح رأسه أو قدميه أو شيئا من الوضوء الذي ذكره الله في القرآن، كان عليه إعادة الوضوء والصلاة " وحينئذ فلا بد من النظر في الترجيح ولا ريب أنه في الروايات المتقدمة لموافقتها للمجمع عليه كما هو أحد المرجحات المنصوصة، ولمخالفة ما عليه العامة الذي هو