"... فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات: واحدة للوجه واثنتان للذراعين، وتمسح ببلة يمناك ناصيتك، وما بقي من بلة يمناك تمسح به ظهر قدمك اليمنى، وتمسح ببلة يسراك ظهر قدمك اليسرى " فإن الجملة الخبرية بمعنى الأمر الذي هو حقيقة في الوجوب.
ورد بأنه يجوز أن يكون قوله (عليه السلام): و " تمسح " معطوفا على قوله:
" ثلاث غرفات " بتقدير " أن " فيكون داخلا في حيز الاجزاء لا جملة مستقلة مرادا بها الأمر.
وقد يناقش في ذلك بأن المرتضى قد نقل في كتاب (الغرر والدرر) عن ابن الأنباري أنه يشترط في اضمار " أن " كذلك كون المعطوف عليه مصدرا لا اسما جامدا والجواب أن المعطوف عليه في الحقيقة مصدر للمرات، مع إمكان المناقشة فيما ذكره ابن الأنباري، لعدم الدليل عليه.
واستدل في المختلف لابن الجنيد بموثقة أبي بصير (1) قال، " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن مسح الرأس، قلت: أمسح بما في يدي من الندى رأسي؟ قال:
لا بل تضع يدك في الماء ثم تمسح ".
وصحيحة معمر بن خلاد قال (2): " سألت أبا الحسن (عليه السلام) أيجزئ الرجل أن يمسح قدميه بفضل رأسه؟ فقال برأسه؟: لا. فقلت أبماء جديد؟ فقال برأسه: نعم ".
أقول: ومثلهما أيضا رواية أبي عمارة الحارثي (3) قال: " سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) أمسح رأسي ببلل يدي؟ قال: خذ لرأسك ماء جديدا ".
وأنت خبير بأن مدلول هذه الروايات هو وجوب الاستئناف مع وجود البلة، وهذا لا ينطبق على مذهب ابن الجنيد، لتخصيصه ذلك بفقد البلة من اليد كما عرفت من عبارته.