من النية والقصد بالكلية؟ فإن المكلف إنما قصد أداء الواجب بذلك الجزء الذي ذكرناه وبالجملة فالاستحباب الذاتي اللازم للوجوب التخييري في هذا المقام إنما يتعلق بمجموع الصورة الكاملة لا بهذا الجزء الزائد، وكلام الأصحاب في جميع صور هذه المسألة في غاية الاجمال كما ذكرنا، وذلك فإنهم في جميع صور هذه المسألة يجعلون محل الخلاف ما زاد على الفرد الناقص بعد تأدى الواجب بذلك الفرد الناقص، وأنه هل يتصف بالوجوب أو الاستحباب؟ وهو ظاهر في كون المراد به ما بين الفرد الذي قصده وتأدى به الواجب إلى نهاية ما اقتصر عليه من الفرد الكامل، ثم إنهم في مقام الاستدلال على وجوبه ودفع القول بالاستحباب يقولون إنه أحد أفراد الواجب الكلي وأنها قابلة للشدة والضعف، فهذا الزائد مستحب لكونه أكمل الأفراد، وهو واجب لكونه أحد أفراد الواجب الكلي. وجواز تركه إنما جاز إلى بدل وهو الفرد الأنقص وأنت خبير بأن هذه التعليلات إنما تنطبق على نفس الفرد الأكمل لا على ذلك البعض الذي عرفته. وأيضا فإنهم - على تقدير القول بالوجوب في ذلك الزائد الذي جعلوه مطرح النزاع - أوردوا اشكالا في أنه يلزم اتصاف شئ واحد بالوجوب والاستحباب. ثم أجابوا عنه بأن اطلاق الاستحباب على الفرد الزائد محمول على استحبابه عينا، بمعنى أنه أفضل الفردين الواجبين، وذلك لا ينافي وجوبه تخييرا من جهة تأدى الواجب به وحصول الامتثال، كذا قرره في الروض في مسألة التسبيح في الأخيرتين. وهذا الجواب - كما ترى - لا ينطبق إلا على نفس الفرد الأكمل، كما هو صريح العبارة حيث أطلق عليه الفرد الزائد، لا على نفس الزيادة خاصة كما هو مورد الاشكال. وربما كان مبنى كلام القوم على اعتبار الأمر الكلي من حيث هو من غير ملاحظة شئ من الخصوصيتين فيكون من قبيل الماهية لا بشرط شئ، فإنه يتجه حينئذ صدق أداء الواجب بالمسمى ويصح وصف الزائد - من حيث كونه جزء من هذا المجموع - بكل من وصفي الوجوب والاستحباب، لاتصاف المجموع بهما حسبما قررنا آنفا، لكن يبقى الاشكال في صورة
(٢٧٨)