مقدار الثلاث إلى صحيحة زرارة ورواية معمر المتقدمتين (1) ضعيف، إذ لا يلزم من اجزاء قدر عدم اجزاء ما دونه إلا بالمفهوم الضعيف، ولو سلم دلالته عرفا فلا يعارض ظاهر الكتاب ومنطوق الخبر الصحيح - ففيه أن الاستدلال بهما ليس باعتبار دلالة مفهوم اللقب الضعيف، وإنما هو باعتبار الدلالة العرفية المسلمة بينهم في غير موضع كما ذكره هو وغيره، وأما ما ذكره من معارضة الكتاب والنص الصحيح فليس بشئ بعد ما عرفت، لعدم المعارضة بين المطلق والمقيد المجمل والمبين، إذ يجب بمقتضى القاعدة المسلمة فيما بينهم في غير موضع حمل الأول منهما على الثاني.
ثم اعلم أن الروايات بمسح قدر الثلاث والمسح بإصبع ليس في شئ منها تقييد بكونه في جهة العرض أو الطول. لكن جملة من الأصحاب - كما عرفت - قيدوا روايات الثلاث بكون ذلك المقدار في جهة العرض كما تقدم في كلام ثاني المحققين، ومثله أيضا كلام ثاني الشهيدين في شرح الشرائع، حيث قال - بعد قول المصنف: " والمندوب مقدار ثلاث أصابع عرضا " - ما لفظه: " عرضا حال من الإصبع أو بنزع الخافض، والمراد مرور الماسح على الرأس بهذا المقدار وإن كان بإصبع لا كون آلة المسح ثلاث أصابع " انتهى.
والمفهوم من عبارة الشيخ المفيد المتقدمة أن أقل الواجب مقدار إصبع يضعها عليه عرضا. فإن كان مستنده (رحمه الله) حمل روايات الإصبع على مقدارها عرضا وإلا فهو خال من المستند مع كون حمل تلك الروايات على ذلك في غاية البعد من حاق لفظها فإنها ظاهرة الصراحة في كون المسح بالإصبع، فهو في التحقيق خال عن المستند. اللهم إلا أن تحمل أخبار قدر الثلاث على كونه طولا، وهي تقرب من الواحدة عرضا، وإلى هذا الحمل مال المحقق المحدث الاسترآبادي (قدس سره) حيث قال - بعد نقل كلام ثاني