وسيأتي أيضا ما يؤكده، فيكون معناه وجوب مسح هذا المقدار من أي جزء من أجزاء هذه المسافة، وأي دليل له في ذلك؟ بل هو بالدلالة على خلاف مدعاه - بتقريب ما حققناه - أشبه.
ثم نقل عن الشيخ المفيد في المقنعة أنه قال: " يمسح من مقدم رأسه مقدار ثلاث أصابع مضمومة من ناصيته إلى قصاص شعره مرة واحدة " وعبارة الشيخ في النهاية " ثم يمسح بباقي نداوة يده من قصاص شعر رأسه مقدار ثلاث أصابع مضمومة " وهاتان العبارتان وإن دلتا على كون المسح في هذا المكان الذي يدعيه. لكن لا دلالة لهما على الانحصار فيه وعدم اجزاء ما سواه كما هو المدعى. وصدر عبارة الشيخ المفيد ظاهر الدلالة على أن مقدم الرأس عبارة عما ادعيناه.
ثم نقل كلام السيد المرتضى في المسائل الناصرية، فقال: " قال الناصر في المسائل الناصرية: فرض المسح متيقن بمقدم الرأس والعامة إلى الناصية. فكتب السيد المرتضى (رضي الله عنه) في جوابه: هذا صحيح وهو مذهبنا، وبعض الفقهاء يخالفون في ذلك ويجوزون المسح على أي بعض كان من الرأس. والدليل على صحة مذهبنا الاجماع المتقدم ذكره. وأيضا فلا خلاف بين الفقهاء في أن من مسح على مقدم الرأس فقد أدى الفرض. وليس كذلك من مسح مؤخر الرأس، فما عليه الاجماع أولى " انتهى والعجب منه (قدس سره) في ايراد هذه العبارة واستناده إليها وهي - كما ترى - صريحة الدلالة في خلاف مدعاه، أما في كلام الناصر فظاهر، وأما في كلام السيد (رحمه الله) فلجوابه بأنه مذهبنا مؤذنا بدعوى الاجماع عليه، وكأنه (قدس سره) أوردها بطريق الاستعجال أو مع تشويش في البال.
ثم أورد عبارة المرتضى (رضي الله عنه) في الإنتصار، وهو قوله: " ومما انفردت به الإمامية القول بأن الفرض مسح مقدم الرأس دون سائر أبعاضه، والفقهاء