حقيقة أو حكما ببقية البلل ولو بإصبع " نظرا إلى جعله الإصبع المرتبة الدنيا للأجزاء مبالغة.
وشيخنا الشهيد الثاني في شرحها تمحل في صرفها عن ظاهرها، فقال بعد ذكر العبارة " يعني الاكتفاء بكون الإصبع آلة للمسح بحيث يحصل بها مسماه لا كونه بقدر الإصبع عرضا " انتهى. بل تمحل ذلك في شرح الإرشاد باجراء هذا التأول في جملة العبارات المشتملة على التحديد بالإصبع.
وأنت خبير بعدم انطباق هذا التأويل على عبارة الدروس، فإنها صريحة في أن المراد وجوب مقدار الإصبع. وأصرح منها كلام الشيخ في التهذيب. وتكلفه فيما عداهما على غاية من البعد.
وقال الصدوق في الفقيه: " وحد مسح الرأس أن تمسح بثلاث أصابع مضمومة من مقدم الرأس ".
وبه صريح الشيخ في النهاية لكن خصه بحال الاختيار، فقال: " لا يجوز أقل من ثلاث أصابع مضمومة مع الاختيار، فإن خاف البرد من كشف الرأس أجزأه مقدار إصبع واحدة ".
ونسب ذلك أيضا إلى المرتضى في مسائل الخلاف، وإلى هذا القول يميل كلام المحدث الأمين الاسترآبادي، وهو ظاهر المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر في كتاب الوسائل، حيث قال: " باب أقل ما يجزئ من المسح " (1) ثم أورد روايات الإصبع وروايات الثلاث أصابع.
ويدل على الأول ظاهر الآية (2) لاطلاق الأمر فيها بالمسح فلا يتقيد بجزئي بعينه، والباء فيها للتبعيض بدلالة النص الصحيح (3).