وقوله (عليه السلام) (1): " يجزئك في الغسل والاستنجاء ما بلت يدك. " والدهن كما يحتمل أنه من الأدهان أي الاطلاء من الدهن كما هو صريح بعضها، يحتمل أيضا أنه من دهن المطر الأرض إذا بلها بلا يسيرا، وعلى التقديرين فلا جريان فيه قطعا وعلى الأول وظاهرا على الثاني.
وربما تحمل الأخبار كملا على المعنى الأول ويقيد مطلقها بمقيدها.
والأكثر حملوا هذه الأخبار على المبالغة في أقل الجريان، وظواهرها - كما ترى - لا تقبله.
وأنت خبير بأن ما اشتمل من الأخبار المتقدمة على الجريان صريحا أو مفهوما لا دلالة فيه على الانحصار في هذا الفرد وعدم اجزاء ما عداه، ولا في شئ من الأخبار الأخيرة على الانحصار فيه وعدم جواز ما زاد عليه، حتى تثبت المنافاة بين أخبار الطرفين ويرتكب الحمل في أحد الجانبين، بل ربما دل لفظ الاجزاء في بعض الأخبار الأخيرة على أنه أقل المجزئ المستلزم لثبوت مرتبة فوقه.
فلم يبق حينئذ إلا دعوى اعتبار الجريان في مسمى الغسل.
وفيه أن المفهوم من كلام شيخنا الشهيد الثاني في بعض تحقيقاته أن ذلك غير مفهوم من كلام أهل اللغة، قال: " لعدم تصريحهم باشتراط جريان الماء في تحققه، وأن العرف دال على ما هو أعم منه، إلا أنه المعروف من الفقهاء سيما المتأخرين، والمصرح به في عباراتهم " انتهى.
ويؤيده ما صرح به السيد السند في المدارك، حيث قال - بعد أن نقل القول باشتراط الجريان في مسمى الغسل - ما لفظه: " وفي دلالة العرف على ذلك نظر " ثم قال - بعد أن نقل عن الشارح حمل أخبار الدهن على المبالغة - ما صورته: " وقد