الوجوب، قيل وظاهر لفظ (ينبغي) في الثانية الاستحباب. وفيه تأمل، فإنه وإن اشتهر كونه كذلك في عرف الناس وربما وجد في الأخبار بهذا المعنى أيضا - إلا أن أكثر استعمال (ينبغي) و (لا ينبغي) في الأخبار بمعنى الوجوب والتحريم، وقد حضرني من الأخبار ما يشتمل على خمسة عشر موضعا يتضمن ما ذكرناه. وأما الثالثة فقيل: إن الأمر بالوضوء في صدرها قرينة على استحباب الوضوء للذكر المذكور بعده.
وفيه نظر، لعدم الملازمة بينهما المقتضية لذلك، واشتمال الرواية على الأوامر الوجوبية والندبية غير عزيز في الأخبار. وأما الرابعة فلا ظهور لها في الاستحباب زيادة على الوجوب، وكذلك الخامسة. وأما السادسة فهي ظاهرة في الوجوب. وأما السابعة فظاهرة في الاستحباب.
وأنت خبير بأنه لو لم يرجح الوجوب منها على الاستحباب فلا يرجح العكس، والمسألة محل توقف، والشهرة غير مرجحة إلا أن تكون في الصدر الأول. وهي غير معلومة سيما مع مخالفة هذين العمدتين. وتوقف شيخنا صاحب رياض المسائل وحياض الدلائل، ونفى بعد القول الثاني عن الصواب. وهو كذلك لما عرفت.
و (منها) - وضوء الميت مضافا إلى غسله على المشهور، وسيجئ تحقيقه في محله إن شاء الله تعالى.
و (منها) - كتابة القرآن، لصحيحة علي بن جعفر المتقدمة (1) في مسألة حكم مس القرآن للمحدث بناء على أحد احتماليها.
وزاد بعض الأصحاب استحباب الوضوء للجنب إذا أراد أن يأكل، لصحيحة الحلبي (2) المتضمنة (أنه إذا كان الرجل جنبا لم يأكل ولم يشرب حتى يتوضأ).
وصحيحة عبد الرحمان (3) قال: (قلت أيأكل كل الجنب قبل أن يتوضأ؟ قال:
إنا لنكسل، ولكن يغسل يده، والوضوء أفضل).