موقف على انحصار سبب الوضوء في ذلك عند من يتقى منه، ومتى يحصل هذا الحصر مع تجويز خلافه من الحدث الذي قد لا يدركه غير صاحبه؟ ولا شك أن الدخول في الصلاة بغير طهارة كيف كان لم يعهد جوازه في الشرع ولو مع الضرورة، كما يدل عليه ما رواه الصدوق (رحمه الله) عن مسعدة بن صدقة (1) أن قائلا قال لجعفر بن محمد (عليهما السلام): (جعلت فداك أني أمر بقوم ناصبية وقد أقيمت لهم الصلاة وأنا على غير وضوء، فإن لم أدخل معهم في الصلاة قالوا ما شاءوا أن يقولوا، أفأصلي معهم ثم أتوضأ وأصلي إذا انصرفت؟ فقال جعفر (عليه السلام): سبحان الله أما يخاف من يصلي على غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفا؟) على أنه لو تم ذلك فلا يلائم عدم وجوب الإعادة مطلقا، للاتفاق على بطلان الصلاة مع فقد الطهارة، وربما كانت تلك الصلاة واجبة كما هو الظاهر. و (أما الثاني) - فلأن حمله على عدم تيقن النقض لا يوافق تقييده بالضرورة، لأنه على هذا التقدير لا شبهة في عدم وجوب الوضوء مطلقا، بل لا يسوغ الاحتياط بفعله، للنهي عن نقض اليقين بالشك وأنه لا ينقض إلا بيقين آخر، كما دلت عليه رواية زرارة المتقدمة (2) وموثقة بكير بن أعين (3) صريحة في ذلك، حيث قال في آخرها: إياك أن تحدث وضوء أبدا حتى تستيقن أنك قد أحدثت) انتهى كلامه زيد مقامه.
وفيه (أولا) - أن ما ذكره - في التوجيه الأول من معنى التقية - الظاهر أنه ليس بمراد ذلك القائل، بل الظاهر أن مراده إنما هو الخوف الناشئ من التهمة بترك الصلاة لخروجه من المسجد في أثناء الصلاة، سيما مع استلزامه التخطي بين الصفوف