وأما الحكاية التي يشير إليها العلامة الراوي فهاك نصها مع تعليقه عليها أيضا: قال العلامة الراوي:
وأما الحكاية التي اعتبرها بعض الفضلاء من أسباب رحلته عنها (يعني رحلة المعري عن بغداد) فليس في شعر أبي العلاء ولا نثره ما يشعر بها، أو يشير إليها، مما ينبئ بأن أبا العلاء نفسه لا يعرفها، وإنما هي من وضع الرواة ورواد النوادر وقد تلقفها الناس وتناقلوها من غير تمحيص. وهاك النص الذي جاء في " معجم الأدباء للحموي ":
كان أبو العلاء يتعصب للمتنبي ويزعم أنه أشعر المحدثين، ويفضله على بشار ومن بعده مثل أبي نؤاس وأبي تمام، وكان المرتضى يبغض المتنبي، ويتعصب عليه، فجرى يوما بحضرته ذكر المتنبي فتنقصه المرتضى وجعل يتتبع عيوبه، فقال المعري: لو لم يكن للمتنبي من الشعر إلا قوله:
لك يا منازل في القلوب منازل... لكفاه فضلا. فغضب المرتضى وأمر فسحب برجله وأخرج من مجلسه، وقال لمن بحضرته: أتدرون ما أراد بذكر هذه القصيدة؟ فإن للمتنبي ما هو أجود منها لم يذكرها، فقيل: النقيب السيد أعرف. فقال: أراد قوله في هذه القصيدة:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص | فهي الشهادة لي بأني كامل |
فلا أبو العلاء يعتبر الشريف ناقصا، ولا الشريف يحط من قدر أبي العلاء فيخرجه مهانا.
ويظهر أن الذي ابتدع هذه الحكاية أراد أن يرفع من ذكاء الرجلين فحط من خلقيهما.