نصف العشر المأخوذ على سبيل الزكاة، فمن ادعى تناوله لذلك فعليه الدلالة.
وعند أصحابنا أن ذلك يتناول ما يعطي المسكين والفقير والمجتاز (١) وقت الحصاد من الحفنة والضغث، فقد رووا ذلك عن أئمتهم عليهم السلام.
فمنه ما روي عن أبي جعفر " عليه السلام " في قوله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) قال: ليس ذلك الزكاة ألا ترى أنه تعالى قال: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) (٢).
وهذه نكتة منه عليه السلام مليحة لأن النهي عن السرف لا يكون إلا فيما ليس بمقدر، والزكاة مقدرة.
وروي عن أبي عبد الله " عليه السلام " أنه قيل له: يا ابن رسول الله وما حقه؟ قال: يناول منه المسكين والسائل (٣)، والأحاديث بذلك كثيرة.
ويكفي احتمال اللفظ له.
وإن كان يقوي هذا التأويل أن الآية يقتضي أن يكون العطاء في وقت الحصاد، والعشر المفروض في الزكاة لا يكون في تلك الحال لأن العشر مكيل ولا يؤخذ إلا من مكيل، وفي وقت الحصاد لا يكون مكيلا ولا يمكن كيله، وإنما يكال بعد جفافه وتذريته وتصفيته، فتعليق العطاء بتلك الحال لا يليق إلا بما ذكرناه.
ويقوي أيضا هذا التأويل ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من النهي عن الحصاد والجذاذ بالليل (٤)، والجذاذ هو صرام النخل وإنما نهى " عليه السلام " عن ذلك لما فيه من حرمان المساكين ما ينبذ إليهم من ذلك.
وما يقوله قوم في هذه الآية من أنها مجملة فلا دليل لهم فيها ليس بصحيح