الأعمش ولفظه عن مسروق قال بينما رجل يحدث في كندة فقال يجئ دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمن كهيئة الزكام ففزعنا فأتيت ابن مسعود وكان متكئا فغضب فجلس فقال من علم فليقل ومن لم يعلم فليقل الله أعلم وقد جرى البخاري على عادته في إيثار الخفي على الواضح فإن هذه السورة كانت أولى بإيراد هذا السياق من سورة الروم لما تضمنته من ذكر الدخان لكن هذه طريقته بذكر الحديث في موضع ثم يذكر في الموضع اللائق به عاريا عن الزيادة اكتفاء بذكرها في الموضع الاخر شحذا للأذهان وبعثا على مزيد الاستحضار وهذا الذي أنكره ابن مسعود قد جاء عن علي فأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم من طريق الحرث عن علي قال آية الدخان لم تمض بعد يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وينفخ الكافر حتى ينفذ ثم أخرج عبد الرزاق من طريق ابن أبي مليكة قال دخلت علي ابن عباس يوما فقال لي لم أنم البارحة حتى أصبحت قالوا طلع الكوكب ذو الذنب فخشينا الدخان قد خرج وهذا أخشى أن يكون تصحيفا وإنما هو الدجال بالجيم الثقيلة واللام ويؤيد كون آية الدخان لم تمض ما أخرجه مسلم من حديث أبي شريحة رفعه لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة الحديث وروى الطبري من حديث ربعي عن حذيفة مرفوعا في خروج الآيات والدخان قال حذيفة يا رسول الله وما الدخان فلا هذه الآية قال أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة وأما الكافر فيخرج من منخريه وأذنيه ودبره وإسناده ضعيف أيضا وروى ابن أبي حاتم من حديث أبي سعيد نحوه وإسناده ضعيف أيضا وأخرجه مرفوعا بإسناد أصلح منه وللطبري من حديث أبي مالك الأشعري رفعه إن ربكم أنذركم ثلاثا الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة الحديث ومن حديث ابن عمر نحوه وإسنادهما ضعيف أيضا لكن تضافر هذه الأحاديث يدل على أن لذلك أصلا ولو ثبت طريق حديث حذيفة لاحتمل أن يكون هو القاص المراد في حديث ابن مسعود (قوله الذكرى) هو والذكر سواء (1) (قوله في الرواية الأخيرة أخبرنا محمد) هو ابن جعفر غندر (قوله عن سليمان) هو الأعمش ومنصور هو ابن المعتمر (قوله حتى حصت) بمهملتين أي جردت وأذهبت يقال سنة حصاء أي جرداء لا غيث فيها (قوله فقال أحدهم) كذا قاله في موضعين أي أحد الرواة ولم يتقم في سياق السدوسي موضع واحد فيه اثنان سليمان ومنصور فحق العبارة أن يقول قال أحدهما لكن تحمل على تلك اللغة (قوله وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان) وقع في الرواية التي قبلها فكان يرى بينه
(٤٤٠)