لسانه حين أصابته سنة وهو لا يشعر فلما علم بذلك أحكم الله آياته وهذا أخرجه الطبري عن قتادة ورده عياض بأنه لا يصح لكونه لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولا ولاية للشيطان عليه في النوم وقيل إن الشيطان ألجأه إلى أن قال ذلك بغير اختياره ورده ابن العربي بقوله تعالى حكاية عن الشيطان وما كان لي عليكم من سلطان الآية قال فلو كان للشيطان قوة على ذلك لما بقي لاحد قوة في طاعة وقيل إن المشركين كانوا إذا ذكروا آلهتهم وصفوهم بذلك فعلق ذلك بحفظه صلى الله عليه وسلم فجرى على لسانه لما ذكرهم سهوا وقد رد ذلك عياض فأجاد وقيل لعله قالها توبيخا للكفار قال عياض وهذا جائز إذا كانت هناك قرينة تدل على المراد ولا سيما وقد كان الكلام في ذلك الوقت في الصلاة جائز وإلى هذا نحا الباقلاني وقيل إنه لما وصل إلى قوله ومناة الثالثة الأخرى خشي المشركون أن يأتي بعدها بشئ يذم آلهتهم به فبادروا إلى ذلك الكلام فخلطوه في تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم على عادتهم في قولهم لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ونسب ذلك للشيطان لكونه الحامل لهم على ذلك أو المراد بالشيطان شيطان الانس وقيل المراد بالغرانيق العلى الملائكة وكان الكفار يقولون الملائكة بنات الله ويعبدونها فسيق ذكر الكل ليرد عليهم بقوله تعالى ألكم الذكر وله الأنثى فلما سمعه المشركون حملوه على الجميع وقالوا وقد عظم آلهتنا ورضوا بذلك فنسخ الله تلك الكلمتين وأحكم آياته وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم يرتل القرآن فارتصده الشيطان في سكتة من السكتات ونطق بتلك الكلمات محاكيا نغمته بحيث سمعه من دنا إليه فظنها من قوله وأشاعها قال وهذا أحسن الوجوه ويؤيده ما تقدم في صدر الكلام عن ابن عباس من تفسير تمنى بتلا وكذا استحسن ابن العربي هذا التأويل وقال قبله أن هذه الآية نص في مذهبنا في براءة النبي صلى الله عليه وسلم مما نسب إليه قال ومعنى قوله في أمنيته أي في تلاوته فأخبر تعالى في هذه الآية أن سنته في رسله إذا قالوا قولا زاد الشيطان فيه من قبل نفسه فهذا نص في أن الشيطان مؤاده في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله قال وقد سبق إلى ذلك الطبري لجلالة قدره وسعة علمه وشدة ساعده في النظر فصوب على هذا المعنى وحوم عليه * (تنبيه) * هذه القصة وقعت بمكة قبل الهجرة اتفاقا فتمسك بذلك من قال إن سورة الحج مكية لكن تعقب بأن فيها أيضا ما يدل على أنها مدنية كما في حديث على وأبي ذر في هذان خصمان فإنها نزلت في أهل بدر وكذا قوله أذن الذين يقاتلون الآية وبعدها الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق فإنها نزلت في الذين هاجروا من مكة إلى المدينة فالذي يظهر أن أصلها مكي ونزل منها آيات بالمدينة ولها نظائر والله أعلم 0 قوله وقال مجاهد مشية بالقصة جص) وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقصر مشيد قال بالقصة يعني الجص والقصة بفتح القاف وتشديد الصاد هي الجص بكسر الجيم وتشديد المهملة ومن طريق عكرمة قال المشيد المجصص قال والجص في المدينة يسمى الشيد وأنشد الطبري قول امرئ القيس وتيماء لم يترك بها جذع نخلة * ولا أجما إلا مشيدا بجندل ومن طريق قتادة قال كان أهله شيدوه وحصنوه وقصة القصر المشيد ذكر أهل الأخبار أنه من بناء شداد ابن عاد فصار معطلا بعد العمران لا يستطيع أحد أن يدنو منه على أميال مما يسمع فيه من أصوات الجن المنكرة (قوله وقال غيره يسطون يفرطون من السطوة ويقال يسطون
(٣٣٤)