أن تكون امرأة غاز في سبيل الله فذهب يبكي ويصوم ويقوم فأنزل الله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله الآية فأخبره فحمد الله وقال يا رسول الله هذه توبتي قبلت فكيف لي بأن يتقبل شكري فنزلت وأقم الصلاة طرفي النهار الآية (قلت) وهذا أن ثبت حمل على واقعة أخرى لما بين السياقين من المغايرة وأما قصة ابن غزية فأخرجها ابن منده من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله أقسم الصلاة طرفي النهار قال نزلت في عمرو بن غزية وكان يبيع التمر فاتته امرأة تبتاع تمرا فأعجبته الحديث والكلبي ضعيف فإن ثبت حمل أيضا على التعدد وظن الزمخشري أن عمرو بن غزية اسم أبي اليسر فجزم به فوهم وأما ما أخرجه أحمد وعبد بن حميد وغيرهما من حديث أبي أمامة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أصبت حدا فأقمه على فسكت عنه ثلاثا فأقيمت الصلاة فدعا الرجل فقال أرأيت حين خرجت من بيتك ألست قد توضأت فأحسنت الوضوء قال بلى قال ثم شهدت الصلاة معنا قال نعم قال فإن الله قد غفر لك وتلا هذه الآية فهي قصة أخرى ظاهر سياقها أنها متأخرة عن نزول الآية ولعل الرجل ظن أن كل خطيئة فيها حد فأطلق على ما فعل حدا والله أعلم وسيأتي مزيد لهذا في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى وأما قصة عامر بن قيس فذكرها مقاتل بن سليمان في تفسيره وأما قصة عباد فحكاها القرطبي ولم يعزها وعباد اسم جد أبي اليسر فلعله نسب ثم سقط شئ وأقوى الجميع أنه أبو اليسر والله أعلم (قوله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية عبد الرزاق أنه أتى أبا بكر وعمر أيضا وقال فيها فكل من سأله عن كفارة ذلك قال أمعزبة هي قال نعم قال لا أدرى حتى أنزل فذكر بقية الحديث وهذه الزيادة وقعت في حديث يوسف بن مهران عن ابن عباس عند أحمد بمعناه دون قوله لا أدرى (قوله قال الرجل إلى هذه) أي الآية يعني خاصة بن بأن صلاتي مذهبة لمعصيتي وظاهر هذا أن صاحب القصة هو السائل عن ذلك ولأحمد والطبراني من حديث ابن عباس قال يا رسول الله إلى خاصة أم للناس عامة فضرب عمر صدره وقال لا ولا نعمة عين بل الناس عامة فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق عمر وفي حديث أبي اليسر فقال إنسان يا رسول الله له خاصة وفي رواية إبراهيم النخعي عند مسلم فقال معاذ يا رسول الله أنه وحده أم للناس كافة وللدارقطني مثله من حديث معاذ نفسه ويحمل على تعدد السائلين عن ذلك وقوله إلى بفتح الهمزة استفهاما وقوله هذا مبتدأ تقدم خبره عليه وفائدته التخصيص (قوله قال لمن عمل بها من أمتي) تقدم في الصلاة من هذا الوجه بلفظ قال لجميع أمتي كلهم وتمسك بظاهر قوله تعالى أن الحسنات يذهبن السيئات المرجئة وقالوا أن الحسنات تكفر كل سيئة كبيرة كانت أو صغيرة وحمل الجمهور هذا المطلق على المقيد في الحديث الصحيح أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر فقال طائفة إن اجتنبت الكبائر كانت الحسنات كفارة لما عدا الكبائر من الذنوب وأن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا وقال آخرون إن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا منها وتحط الصغائر وقيل المراد أن الحسنات تكون سببا في ترك السيئات كقوله تعالى أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لا أنها تكفر شيئا حقيقة وهذا قول بعض المعتزلة وقال ابن عبد البر ذهب بعض أهل العصر إلى أن الحسنات تكفر الذنوب واستدل بهذه الآية وغيرها من الآيات والأحاديث الظاهرة في ذلك قال ويرد الحث على التوبة في أي كبيرة فلو كانت
(٢٦٩)