أعلم (قوله عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم) فسر ذلك ابن إسحاق في روايته فقال خرج بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي فقد اتبعه ناس وخالفه ناس فكانت بينهم ملاحم في مواطن فتركتهم وهم على ذلك فبين ما أجمل في حديث الباب لأنه يوهم ان ذلك كان في أوائل ما ظهر للنبي صلى الله عليه وسلم وفى روايته أنه قال جردوه فإذا هو مختتن فقال هذا والله الذي رأيته أعطه ثوبه (قوله هم يختتنون) في رواية الأصيلي هم مختتنون بالميم والأول أفيد وأشمل (قوله هذا ملك هذه الأمة قد ظهر) كذا لأكثر الرواة بالضم ثم السكون وللقابسي بالفتح ثم الكسر ولابى ذر عن الكشميهني وحده يملك فعل مضارع قال القاضي أظنها ضمة الميم اتصلت بها فتصحفت ووجهه السهيلي في أماليه بأنه مبتدأ وخبر أي هذا المذكور يملك هذه الأمة وقيل يجوز أن يكون يملك نعتا أي هذا رجل يملك هذه الأمة وقال شيخنا يجوز ان يكون المحذوف هو الموصول على رأى الكوفيين أي هذا الذي يملك وهو نظير قوله * وهذا تحملين طليق * على أن الكوفيين يجوزون استعمال اسم الإشارة بمعنى الاسم الموصول فيكون التقدير الذي يملك من غير حذف قلت لكن اتفاق الرواة على حذف الياء في أوله دال على ما قال القاضي فيكون شاذا على أنني رأيت في أصل معتمد وعليه علامة السرخسي بباء موحدة في أوله وتوجيهها أقرب من توجيه الأول لأنه حينئذ تكون الإشارة بهذا إلى ما ذكره من نظره في حكم النجوم والباء متعلقة بظهر أي هذا الحكم ظهر بملك هذه الأمة التي تختتن (قوله برومية) بالتخفيف وهى مدينة معروفة للروم وحمص مجرور بالفتحة منع صرفة للعلمية والتأنيث ويحتمل أن يجوز صرفه (قوله فلم يرم) بفتح أوله وكسر الراء أي لم يبرح من مكانه هذا هو المعروف وقال الداودي لم يصل إلى حمص وزيفوه (قوله حتى أتاه كتاب من صاحبه) وفى حديث دحية الذي أشرت إليه قال فلما خرجوا أدخلني عليه وأرسل إلى الأسقف وهو صاحب أمرهم فقال هذا الذي كنا ننظر وبشرنا به عيسى أما أنا فصدقته ومتبعه فقال له قيصر أما أنا ان فعلت ذلك ذهب ملكي فذكر القصة وفى آخره فقال لي الأسقف خذ هذا الكتاب واذهب إلى صاحبك فاقرأ عليه السلام وأخبره انى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وانى قد آمنت به وصدقته وانهم قد أنكروا على ذلك ثم خرج إليهم فقتلوه وفى رواية ابن إسحاق ان هرقل ارسل دحية إلى ضغاطر الرومي وقال إنه في الروم أجوز قولا منى وان ضغاطر المذكور أظهر اسلامه وألقى ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا بيضا وخرج على الروم فدعاهم إلى الاسلام وشهد شهادة الحق فقاموا إليه فضربوه حتى قتلوه قال فلما رجع دحية إلى هرقل قال له قد قلت لك انا نخافهم على أنفسنا فضغاطر كان أعظم عندهم منى قلت فيحتمل ان يكون هو صاحب رومية الذي أبهم هنا لكن يعكر عليه ما قيل إن دحية لم يقدم على هرقل بهذا الكتاب المكتوب في سنة الحديبية وانما قدم عليه بالكتاب المكتوب في غزوة تبوك فالراجح ان دحية قدم على هرقل أيضا في الأولى فعلى هذا يحتمل أن تكون وقعت لكل من الأسقف ومن ضغاطر قصة قتل كل منهما بسببها أو وقعت لضغاطر قصتان إحداهما التي ذكرها ابن الناطور وليس فيها انه أسلم ولا أنه قتل والثانية التي ذكرها ابن إسحاق فان فيها قصته مع دحية وانه أسلم وقتل والله أعلم (قوله وسار هرقل إلى حمص) لأنها كانت دار ملكه كما قدمناه وكانت في زمانهم أعظم من دمشق وكان فتحها
(٤٠)