جاحدا كان كافرا انتهى ملخصا وتبعه أبو عبيد في كتاب الايمان له فذكر نحوه وزاد ان بعض المخالفين لما ألزم بذلك أجاب بان الايمان ليس هو مجموع الدين انما الدين ثلاثة أجزاء الايمان جزء والأعمال جزآن لأنها فرائض ونوافل وتعقبه أبو عبيد بأنه خلاف ظاهر القرآن وقد قال الله تعالى ان الدين عند الله الاسلام والاسلام حيث أطلق مفردا دخل فيه الايمان كما تقدم تقريره فان قيل فلم أعاد في هذا الباب الآيتين المذكورتين فيه وقد تقدمتا في أول كتاب الايمان فالجواب انه أعادهما ليوطئ بهما معنى الكمال المذكور في الآية الثالثة لان الاستدلال بهما نص في الزيادة وهو يستلزم النقص وأما الكمال فليس نصا في الزيادة بل هو مستلزم للنقص فقط واستلزامه للنقص يستدعى قبوله الزيادة ومن ثم قال المصنف فإذا ترك شيئا من الكمال فهو ناقص ولهذه النكتة عدل في التعبير للآية الثالثة عن أسلوب الآيتين حيث قال أولا وقول الله وقال ثانيا وقال وبهذا التقرير يندفع اعتراض من اعترض عليه بان آية أكملت لكم لا دليل فيها على مراده لان الاكمال إن كان بمعنى اظهار الحجة على المخالفين أو بمعنى اظهار أهل الدين على المشركين فلا حجة للمصنف فيه وإن كان بمعنى اكمال الفرائض لزم عليه انه كان قبل ذلك ناقصا وان من مات من الصحابة قبل نزول الآية كان ايمانه ناقصا وليس الامر كذلك لان الايمان لم يزل تاما ويوضح دفع هذا الاعتراض جواب القاضي أبى بكر بن العربي بان النقص أمر نسبى لكن منه ما يترتب عليه الذم ومنه ما لا يترتب فالأول ما نقصه بالاختيار كمن علم وظائف الدين ثم تركها عمدا والثاني ما نقصه بغير اختيار كمن لم يعلم أو لم يكلف فهذا لا يذم بل يحمد من جهة انه كان قبله مطمئنا بأنه لو زيد لقبل ولو كلف لعمل وهذا شأن الصحابة الذين ماتوا قبل نزول الفرائض ومحصله أن النقص بالنسبة إليهم صوري نسبى ولهم فيه رتبة الكمال من حيث المعنى وهذا نظير قول من يقول إن شرع محمد أكمل من شرع موسى وعيسى لاشتماله من الاحكام على ما لم يقع في الكتب التي قبله ومع هذا فشرع موسى في زمانه كان كاملا وتجدد في شرع عيسى بعده ما تجدد فالأكملية أمر نسبى كما تقرر والله أعلم (قوله هشام) هو ابن أبي عبد الله الدستوائي يكنى أبا بكر وفى طبقته هشام بن حسان لكنه لم يرو هذا الحديث (قوله يخرج) بفتح أوله وضم الراء ويروى بالعكس ويؤيده قوله في الرواية الأخرى أخرجوا (قوله من قال لا إله إلا الله وفى قلبه) فيه دليل على اشتراط النطق بالتوحيد أو المراد بالقول هنا القول النفسي فالمعنى من أقر بالتوحيد وصدق فالاقرار لا بد منه فلهذا أعاده في كل مرة والتفاوت يحصل في التصديق على الوجه المتقدم فان قيل فكيف لم يذكر الرسالة فالجواب ان المراد المجموع وصار الجزء الأول علما عليه كما تقول قرأت قل هو الله أحد أي السورة كلها (قوله برة) بضم الموحدة وتشديد الراء المفتوحة وهى القمحة ومقتضاه ان وزن البرة دون وزن الشعيرة لأنه قدم الشعيرة وتلاها بالبرة ثم الذرة وكذلك هو في بعض البلاد فان قيل إن السياق بالواو وهى لا ترتب فالجواب ان رواية مسلم من هذا الوجه بلفظ ثم وهى للترتيب (قوله ذرة) بفتح المعجمة وتشديد الراء المفتوحة وصحفها شعبة فيما رواه مسلم من طريق يزيد بن زريع عنه فقال ذرة بالضم وتخفيف الراء وكأن الحامل له على ذلك كونها من الحبوب فناسبت الشعيرة والبرة قال مسلم في روايته قال يزيد صحف فيها أبو بسطام يعنى شعبة ومعنى الذرة قيل هي أقل الأشياء الموزونة وقيل هي الهباء الذي يظهر في شعاع
(٩٦)