هو بضم الراء لان إذا وإن كانت من أدوات الشرط لكنها لا تجزم واستعمل الجواب مضارعا وإن كان الشرط بلفظ الماضي لكنه بمعنى المستقبل وفى رواية البزار كفر الله فواخى بينهما (قوله كان أزلفها) كذا لأبي ذر ولغيره زلفها وهى بتخفيف اللام كما ضبطه صاحب المشارق وقال النووي بالتشديد ورواه الدارقطني من طريق طلحة بن يحيى عن مالك بلفظ ما من عبد يسلم فيحسن اسلامه الا كتب الله له كل حسنة زلفها ومحا عنه كل خطيئة زلفها بالتخفيف فيهما وللنسائي نحوه لكن قال أزلفها وزلف بالتشديد وأزلف بمعنى واحد أي أسلف وقدم قاله الخطابي وقال في المحكم أزلف الشئ قربه وزلفه مخففا ومثقلا قدمه وفى الجامع الزلفة تكون في الخير والشر وقال في المشارق زلف بالتخفيف أي جمع وكسب وهذا يشمل الامرين وأما القربة فلا تكون الا في الخير فعلى هذا تترجح رواية غير أبي ذر لكن منقول الخطابي يساعدها وقد ثبت في جميع الروايات ما سقط من رواية البخاري وهو كتابة الحسنات المتقدمة قبل الاسلام وقوله كتب الله أي أمر أن يكتب وللدارقطني من طريق زيد بن شعيب عن مالك بلفظ يقول الله لملائكته اكتبوا فقيل إن المصنف أسقط ما رواه غيره عمدا لأنه مشكل على القواعد وقال المازري الكافر لا يصح منه التقرب فلا يثاب على العمل الصالح الصادر منه في شركه لان من شرط المتقرب ان يكون عارفا لمن يتقرب إليه والكافر ليس كذلك وتابعه القاضي عياض على تقرير هذا الاشكال واستضعف ذلك النووي فقال الصواب الذي عليه المحققون بل نقل بعضهم فيه الاجماع ان الكافر إذا فعل أفعالا جميلة كالصدقة وصلة الرحم ثم أسلم ومات على الاسلام أن ثواب ذلك يكتب له وأما دعوى انه مخالف للقواعد فغير مسلم لأنه قد يعتد ببعض أفعال الكافر في الدنيا ككفارة الظهار فإنه لا يلزمه اعادتها إذا أسلم وتجزئه انتهى والحق انه لا يلزم من كتابة الثواب للمسلم في حال اسلامه تفضلا من الله واحسانا ان يكون ذلك لكون عمله الصادر منه في الكفر مقبولا والحديث انما تضمن كتابة الثواب ولم يتعرض للقبول ويحتمل أن يكون القبول يصير معلقا على اسلامه فيقبل ويثاب ان أسلم والا فلا وهذا قوى وقد جزم بما جزم به النووي إبراهيم الحربي وابن بطال وغيرهما من القدماء والقرطبي وابن المنير من المتأخرين قال ابن المنير المخالف للقواعد دعوى ان يكتب له ذلك في حال كفره وأما ان الله يضيف إلى حسناته في الاسلام ثواب ما كان صدر منه مما كان يظنه خيرا فلا مانع منه كما لو تفضل عليه ابتداء من غير عمل وكما يتفضل على العاجز بثواب ما كان يعمل وهو قادر فإذا جاز أن يكتب له ثواب ما لم يعمل البتة جاز ان يكتب له ثواب ما عمله غير موفى الشروط وقال ابن بطال لله ان يتفضل على عباده بما شاء ولا اعتراض لأحد عليه واستدل غيره بان من آمن من أهل الكتاب يؤتى أجره مرتين كما دل عليه القرآن والحديث الصحيح وهو لو مات على ايمانه الأول لم ينفعه شئ من عمله الصالح بل يكون هباء منثورا فدل على أن ثواب عمله الأول يكتب له مضافا إلى عمله الثاني وبقوله صلى الله عليه وسلم لما سألته عائشة عن ابن جدعان وما كان يصنعه من الخير هل ينفعه فقال إنه لم يقل يو ما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين فدل على أنه لو قالها بعد ان أسلم نفعه ما عمله في الكفر (قوله وكان بعد ذلك القصاص أي كتابة المجازاة في الدنيا وهو مرفوع بأنه اسم كان ويجوز أن تكون كان تامة وعبر بالماضي لتحقق الوقوع فكأنه وقع كقوله تعالى ونادى أصحاب الجنة وقوله الحسنة مبتدأ
(٩٢)