كون ذلك ظاهرا من السياق نظر والله أعلم وقال الزمخشري لفظ إلى يفيد معنى الغاية مطلقا فاما دخولها في الحكم وخروجها فامر يدور مع الدليل فقوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل دليل عدم الدخول النهى عن الوصال وقول القائل حفظت القرآن من أوله إلى آخره دليل الدخول كون الكلام مسوقا لحفظ جميع القرآن وقوله تعالى إلى المرافق لا دليل فيه على أحد الامرين قال فاخذ العلماء بالاحتياط ووقف زفر مع المتيقن انتهى ويمكن ان يستدل لدخولهما بفعله صلى الله عليه وسلم ففي الدارقطني باسناد حسن من حديث عثمان في صفة الوضوء فغسل يديه إلى المرفقين حتى مس أطراف العضدين وفيه عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه لكن اسناده ضعيف وفى البزار والطبراني من حديث وائل بن حجر في صفة الوضوء وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفق وفى الطحاوي والطبراني من حديث ثعلبة بن عباد عن أبيه مرفوعا ثم غسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه فهذه الأحاديث يقوى بعضها بعضا قال إسحاق بن راهويه إلى في الآية يحتمل أن تكون بمعنى الغاية وأن تكون بمعنى مع فبينت السنة انها بمعنى مع انتهى وقد قال الشافعي في الام لا أعلم مخالفا في ايجاب دخول المرفقين في الوضوء فعلى هذا فزفر محجوج بالاجماع قبله وكذا من قال بذلك من أهل الظاهر بعده ولم يثبت ذلك عن مالك صريحا وانما حكى عنه أشهب كلاما محتملا والمرفق بكسر الميم وفتح الفاء هو العظم الناتئ في آخر الذراع سمى بذلك لأنه يرتفق به في الاتكاء ونحوه (قوله ثم مسح رأسه) زاد ابن الطباع كله كما تقدم عن رواية ابن خزيمة وفى رواية خالد بن عبد الله برأسه بزيادة الباء قال القرطبي الباء للتعدية يجوز حذفها واثباتها كقولك مسحت الرأس اليتيم ومسحت برأسه وقيل دخلت الباء لتفيد معنى آخر وهو ان الغسل لغة يقتضى مغسولا به والمسح لغة لا يقتضى ممسوحا به فلو قال وامسحوا رؤسكم لأجزأ المسح باليد بغير ماء فكانه قال وامسحوا برؤسكم الماء فهو على القلب والتقدير امسحوا رؤسكم بالماء وقال الشافعي احتمل قوله تعالى وامسحوا برؤسكم جميع الرأس أو بعضه فدلت السنة على أن بعضه يجزئ والفرق بينه وبين قوله تعالى فامسحوا بوجوهكم في التيمم ان المسح فيه بدل عن الغسل ومسح الرأس أصل فافترقا ولا يرد كون مسح الخف بدلا عن غسل الرجل لان الرخصة فيه ثبتت بالاجماع فان قيل فلعله اقتصر على مسح الناصية لعذر لأنه كان في سفر وهو مظنة العذر ولهذا مسح على العمامة بعد مسح الناصية كما هو ظاهر من سياق مسلم في حديث المغيرة بن شعبة قلنا قد روى عنه مسح مقدم الرأس من غير مسح على العمامة ولا تعرض لسفر وهو ما رواه الشافعي من حديث عطاء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فحسر العمامة عن رأسه ومسح مقدم رأسه وهو مرسل لكنه اعتضد بمجيئه من وجه آخر موصولا أخرجه أبو داود من حديث أنس وفى اسناده أبو معقل لا يعرف حاله فقد اعتضد كل من المرسل والموصول بالآخر وحصلت القوة من الصورة المجموعة وهذا مثال لما ذكره الشافعي من أن المرسل يعتضد بمرسل آخر أو مسند وظهر بهذا جواب من أورد أن الحجة حينئذ بالمسند فيقع المرسل لغوا وقد قررت جواب ذلك فيما كتبته على علوم الحديث لابن الصلاح وفى الباب أيضا عن عثمان في صفة الوضوء قال ومسح مقدم رأسه أخرجه سعيد بن منصور وفيه خالد بن يزيد بن أبي مالك مختلف فيه وصح عن ابن عمر الاكتفاء بمسح بعض الرأس
(٢٥٤)