وكان ما وصل إلى قدماء محدثينا - رضوان الله عليهم - من أحاديث أئمتنا صلوات الله عليهم أجمعين قد جمعوه في أربعمائة كتاب تسمى: الأصول، وقد تواتر أمرها في الأعصار كالشمس في رابعة النهار.
ثم توفق جماعة من المتأخرين - أعلى الله مقامهم وأجزل إكرامهم - بالتصدي لجمع تلك الكتب الشريفة وترتيبها على الوجوه اللطيفة. فألفوا منها كتبا مبسوطة جليلة وأصولا مضبوطة جميلة، محيطة على ما به المراد والكفاية، مشتملة على الأسانيد المتصلة بأصحاب الهداية - عليهم السلام والتحية البالغة والإكرام -، ككتاب الكافي وكتاب من لا يحضره الفقيه وكتاب التهذيب وكتاب الاستبصار. وهذه الأصول الأربع التي عليها المدار في هذه الأزمنة والأعصار. وكتاب مدينة العلم (1) والخصال و الأمالي وعيون الأخبار وغيرها من الكتب المعتبرة.
أما الكافي: فهو تأليف ثقة الإسلام وقدوة الأعلام، أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي - قدس الله روحه ونور ضريحه -، وكانت مدة تأليفه له عشرين سنة، توفي ببغداد سنة ثمان - أو تسع - وعشرين وثلاثمائة. (2) وأما من لا يحضره الفقيه، فهو تأليف رئيس المحدثين وحجة المسلمين أبي جعفر محمد بن [علي بن] بابويه القمي أعلى الله مكانه وأفاض عليه إحسانه، وله مؤلفات تقارب ثلاثمائة كتاب. (3) توفي بالري سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. (4)