فربما يجترئ في القوي على مخالفة جمع، بل الأكثرين ولا يجترئ في غيره.
وبالجملة، هذا باب واسع لا ينبغي للفقيه المستفرغ - بل الفارغ - أن يغفل عنه. (1) انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
ثم إن أصحابنا - رضوان الله عليهم - توسعوا في ذلك، حتى أنهم أطلقوا الصحيح على ما كان رواته ثقاتا إماميين وإن اشتمل السند على أمر آخر من الإرسال وغيره، فقالوا: روى ابن أبي عمير في الصحيح كذا، مع كونه مرسلا؛ وعلى ما احتف بالقرائن وإن كان موثقا أو حسنا أو ضعيفا بالنظر إلى سنده، وهذا هو ما اصطلح عليه جماهير قدماء الأصحاب.
وقد يسندون الصحة إلى واحد من الرواة ويقولون: صحيحة فلان، ويعنون أن الشرائط المعتبرة في الصحة متحققة إليه، وإن كان هو أو فوقه غير إمامي مثلا، وقد يجدي الإضافة عظمة المضاف إليه، فيسندون الرواية إلى بعض رواته المشهور كي تكون أحرى بالاعتبار.
وفي الخلاصة وغيره: " إن طريق الفقيه إلى معاوية بن ميسرة، وإلى عائذ الأحمسي، وإلى خالد بن نجيح، وإلى عبد الأعلى مولى آل سام، صحيح (2) " مع أن الثلاثة الأول لم يوثقهم أصحاب الرجال، وكذا الرابع وإن ذكر في القسم الأول من الخلاصة.
وكذلك نقلوا الإجماع على تصحيح ما يصح عن أبان بن عثمان مع كونه فطحيا. و كل ذلك لا يساعده ما اشتهر عند المتأخرين من معنى الصحيح، ولا ضير.
والصحيح بهذا المعنى ربما يجدي فائدة الصحيح بما اصطلح عليه المتأخرون