الأول: التعارض على سبيل التباين الكلي، كأن يقول المعدل: رأيته في صبيحة يوم الجمعة - مثلا - يصلي، وقال الآخر - أعني الجارح -: رأيته في ذلك الوقت المخصوص بعينه يزني.
والثاني: التعارض المساوق للعموم من وجه.
[و] الثالث: التعارض بالعموم المطلق.
وكل واحد من هذه الأقسام إما [أن يكون] من باب تعارض النصين، أو الظاهرين، أو الظاهر مع النص، أو الظاهر مع غيره - لو قلنا بالتعارض في الأخير -.
والحاصل: أن صور الأقسام إما تسعة أو اثنا عشر، وفيه أقوال:
[ف] قيل بتقديم قول الجارح مطلقا؛ تمسكا باستلزامه الجمع بين القولين، والجمع بين الدليلين - مهما أمكن - أولى من الطرح.
وفيه - مع أنه لا دليل على وجوب الجمع بين الدليلين، وأعميته من المدعى؛ لإمكان الجمع بغيره واستلزامه عدم تحقق حديث صحيح إلا نادرا -: أنه لا يتم في تعارض المتباينين بالتباين الكلي إذا كانا نصين؛ لعدم إمكان الجمع بينهما حينئذ، وكذا في العموم المطلق أو من وجه أيضا لو كانا نصين.
نعم، يمكن القول بتقديم الجارح فيما إذا كان الجرح نصا والتعديل ظاهرا؛ لإرجاع قول المعدل إلى عدم العلم، وهو ينافي العلم الذي يدعيه الجارح.
وكذا فيما إذا كان تعارضهما ظاهرين، أو كان الجرح ظاهرا والتعديل نصا؛ وقلنا بوجوب الجمع بين المتعارضين.
وقيل بتقديم قول المعدل مطلقا، ولعله لكثرة التسارع إلى الجرح، فيكون موهونا.
وفيه ما لا يخفى [إذ] قد تقدم أن بعض الجارحين لما كان مسارعا إلى الجرح [ف] لا عبرة بجرحه، ولكن هذا مخصوص بموارد خاصة، والمقصود هنا تأسيس الأصل والقاعدة الكلية من دون ملاحظة الموارد الشخصية.