- نور الله مراقدهم - ووضع ذلك الاصطلاح الجديد - على ما وجهه بعض الأعلام الفضلاء الكرام - هو: " أنه لما طالت الأزمنة بين من تأخر وبين الصدر السابق، وآل الحال إلى اندراس بعض كتب الأصول المعتمدة بتسلط حكام الجور والضلال و الخوف من إظهارها وانتساخها، وانضم إلى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من كتب الأصول في الأصول المشهورة في هذا الزمان، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة، واشتبهت المتكررة في كتب الأصول بغير المتكررة.
وخفى عليهم - قدس الله أرواحهم - كثير من تلك الأمور التي كانت سبب وثوق القدماء بكثير من الأحاديث، ولم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز ما يعتمد عليه، مما لا يركن إليه. فاحتاجوا إلى قانون تتميز به الأحاديث المعتبرة من غيرها، والوثوق بها عما سواها، فقرروا لنا - شكر الله سعيهم - ذلك الاصطلاح الجديد، وقربوا إلينا البعيد. ووضعوا الأحاديث الواردة في كتبهم الاستدلالية. بما اقتضاه ذلك الاصطلاح، من الصحة والحسن والتوثيق " (1) انتهى كلامه.
ولا يخفى أن هذا كله، دعوى محتملة مظنونة. غير معلومة الثبوت، وفيها مناقشة ظاهرة، لطيفة التعليل، ولم يسعني ذكر شيء منها مخافة التطويل.
واعلم أن الأمور التي كانت تقتضي اعتماد القدماء - قدس الله أرواحهم - عليها في إطلاق الصحيح على الحديث وسبب وثوقهم فيه، خمسة:
أحدها: وروده في كثير من الأصول الأربعمائة المشهورة المتداولة المتصلة بأصحاب العصمة صلوات الله عليهم.
ثانيها: تكرره في أصل منها، فأكثر بطرق مختلفة، وأسانيد معتبرة.
ثالثها: وروده من أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة، ومحمد ابن مسلم، والفضيل بن يسار؛ أو على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى، و