وفيه ما لا يخفى، فإن الاحتمال إنما هو بالنسبة إلى الخبر مع قطع النظر عن المخبر والمخبر عنه.
وأما باعتبار المخبر والمخبر عنه، والمتن، والسند، وقلة الرواية والكثرة، وبلوغه حد الاشتهار عملا ورواية، واحتفافه بالقرينة القطعية أو الظنية، وقوة الدلالة وعدمها، وسائر الملاحظات مما يتفاوت حكمه؛ فسيجيئ في الباب الثاني من الأقسام العديدة للخبر بواسطة تلك الملاحظات.
وأما كلامنا في الباب الأول؛ فإنما هو بالنظر إلى نفس الخبر من حيث الخبرية لا غيرها، ولا شك أن الخبرين المذكورين - مع قطع النظر عن المخبر - كالخبر السابق مما يحتمل في نفسه الصدق - وإن كان المخبر هو الثاني، أي الكذاب - والكذب - وإن كان المخبر هو الأول، أي الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) -.
الثاني: ما يقابل الإنشاء، وعرفوا ذلك بما كان لنسبته خارج، تطابقه أم لا.
والمراد بالخارج هو الخارج عن مدلول اللفظ - وإن كان في الذهن - ليشمل نحو " علمت ".
وعرفه بعضهم: بأنه عبارة عن كلام يكون لنسبته خارج في أحد الأزمنة الثلاثة.
فالإنشاء خارج بقيد " الخارج " لأنه لا خارج لنسبته، بل لفظه سبب لوجود نسبة غير مسبوقة بنسبة حاصلة في الواقع عند المتكلم من غير اعتبار وقوعها، فعلى هذا يخرج منه خبر الكاذب، لعدم وجود نسبة له في الخارج.
والثالث: يطلق الخبر على ما يرادف الحديث، فعليه: أنه عبارة عن كلام يحكي قول المعصوم (عليه السلام) أو فعله أو تقريره، غير العاديات.
وأما نفس قوله (عليه السلام) أو نفس فعله، أو نفس تقريره؛ فهو داخل في السنة، كحكاية الحديث القدسي فإنها داخلة فيها، وإن كانت حكاية هذه الحكاية داخلة في الحديث.
فحينئذ نقول: إن السنة في الاصطلاح عبارة عن نفس القول أو الفعل أو التقرير من المعصوم (عليه السلام).