وأما إذا لم يكن الرجوع ممكنا؛ سواء علم من حاله أنه غير قادر على استنباط أحوال الخبر وسلسلة رواته؛ لعدم ملكته، وكون المصحح ذا ملكة في الفن، أو غير قادر؛ لعدم سليقته، أو لكثرة وسواسه وتزلزله وتشككه في غالب أمثال الأمور، بحيث يشكل عليه تمييز المشتركات، والاطلاع على القرائن الخفية، والعلم بتاريخ أشخاص الرواة - والدا وولدا - من حيث الأسماء والكنى والألقاب، وكان ضبط هذه الأمور عليه صعبا مستصعبا، فتحصيل المعرفة بأمثال هذه الأمور يوجب العسر والحرج لغير ذي ملكة، وتعطيل الأحكام؛ بحيث لا يمكنه مدة مديدة ضبط سند خبر واحد في مسألة واحدة، فضلا عن باب واحد، وفضلا عن أبواب تمام الفقه.
ففي هذا الفرض يجب عليه الاتكال على تصحيح الغير لو كان مجتهدا، وإلا فمثل ذلك الشخص في مرتبة التقليد، شريك للمقلدين، فكيف يرضى أن يسمى بالمجتهد المطلق الذي لا قدرة له على معرفة شرط من شرائط الاجتهاد في الأحكام - وهو الاطلاع على القواعد الرجالية - فتدبر.
أما الأمر الثالث؛ فإن الظاهر من عبائر الطائفة في مواضع عديدة أن التضعيف - كالتصحيح - معتبر [عند] كل من يكتفي بتصحيح الغير، لاتحاد المدرك، وعدم القول بالفصل، فلا يحتاج إلى الإعادة - كما لا يخفى على ذي مسكة -.
أما الأمر الرابع؛ فجواز الاتكاء على تصحيح الغير - لو أجمعوا على تصحيح سند حديث - عند جماعة مما لا إشكال فيه، بل ربما ادعى بعضهم أنه المتعين، لأن الظن الحاصل منه أقوى من الظن الحاصل من الرجوع إلى علم الرجال.
وفيه ما لا يخفى، إذ كون ذلك أقوى أول الدعوى، بل الرجوع إلى علم الرجال لا يبعد كون الظن الحاصل منه أقوى - وإن كان تصحيح الغير أقوى - كما أن الكشي ادعى إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة كثيرة؛ منهم: أبان بن عثمان - مثلا - فعلى هذا يكون الظن الحاصل من أبان في حكم كذا أقوى من الظن الحاصل لنا على خلاف قوله، وإن لم يقل به أحد.
والحاصل: أن الظن الحاصل من التصريح بالاسم و [الإخبار بعدالة] المسمى في