القدسي المروي في كلتا الطريقتين أي العامة والخاصة: " يا محمد، أنت مني حيث شئت أنا، وعلي منك حيث أنت مني، ومحبو علي مني حيث علي منك " (1) الحديث.
فإذا نظر الناظر في هذا الحديث وأمعن النظر فيه، وعلم أن مراتب محبي أمير المؤمنين (عليه السلام) ودرجاتهم وقربهم المعنوي الحقاني إلى الحق الأول سبحانه بحيث لا يدرك كنهها، وما هي عليه في نفس الأول غير ذات الحق الأول جل جلاله، حمل ما في الحديث على الأكامل من الشيعة كسلمان وأبي ذر ومقداد ومن حذا حذوهم استبعادا منه تمشية ذلك في غير هؤلاء الأكامل، ولكن الحديث إذا أخذ بمجامعه و السبب الذي ورد هذا الحديث القدسي لأجله علم أن هذا الحمل وذلك الاختصاص مما ليس في محله.
وبيان ذلك: أن صدر الحديث كذا ورد، يعنى " أنه جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال:
يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ما ينفعني حب علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ويحك من أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أحب الله لم يعذبه ".
فقال الأعرابي: زدني يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (صلى الله عليه وآله): " أسأل جبرئيل عن ذلك " فنزل جبرئيل فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قاله الأعرابي؟ فقال جبرئيل (عليه السلام): " أسأل إسرافيل (عليه السلام) عن ذلك، فصعد فسأل إسرافيل (عليه السلام) عن ذلك. فقال إسرافيل (عليه السلام): سأسأل رب العزة عن ذلك، فأوحى الله تعالى إليه يا إسرافيل، قل لجبرائيل يقل لمحمد (صلى الله عليه وآله): أنت مني حيث شئت أنا، وعلي منك حيث أنت مني، ومحبو علي مني حيث علي منك (2) " الحديث.
فلا يخفى عليك أن حمل ما في الحديث على الأكامل من الشيعة يستلزم التخصيص الموردي، وهو غير جائز عند الأصوليين قطعا، والتقريب ظاهر؛ لأن الأعرابي السائل ما كان شأنه مثل شأن سلمان وأترابه.
وقد فسر هذا الحديث في حديث آخر على نمط صريح في الشمول والتعميم، و