يكن ساكنا للمسجد، ولو أقام بما يتأثث به، يوصف بكونه ساكن المسجد، فكان معتبرا في اليمين.
ولو كان الرجل ساكنا في دار، وحلف لا يسكنها، فإنه لا يبر في يمينه، ما لم ينتقل بنفسه وأهله وولده ومتاعه، ومن يأويها لخدمته، وللقيام بأمره في منزله، لان السكنى في الدار بهذه الأشياء، فكان ترك السكنى فيها بضدها، فإذا لم يأخذ في النقلة من ساعته مع الامكان، يحنث في يمينه، ولو أخذ في النقلة من ساعته لا يحنث، وإن كان فيه من السكنى قليل، لأنه لا يمكن الاحتراز عنه، فكان مستثنى دلالة وهذا عندنا، خلافا لزفر.
ولو انتقل بنفسه، ولم ينتقل بمتاعه وأهله، قال أصحابنا: يحنث.
وقال الشافعي: لا يحنث.
والصحيح قولنا، لما قلنا إن السكنى في المكان بما يسكن به عادة، وبأهله إن كان له أهل، فكان ترك السكنى بترك الكل بخلاف ما إذا حلف لا يسكن في بلد كذا، فخرج منه وترك أهله فيه، لم يحنث لان في العادة لا يقال لمن بالبصرة وأهله بالكوفة إنه ساكن بالكوفة، فأما إذا انتقل بنفسه وأهله ومتاعه وترك من أثاثه شيئا قليلا، فإن أبا حنيفة رضي الله عنه قال: يحنث، وقال أبو يوسف: إذا كان المتاع المتروك لا يشغل بيتا أو بعض الدار على ما يتعارف الناس، لا يحنث. وكان أصحابنا رحمهم الله يقولون: معنى قول أبي حنيفة: إذا ترك شيئا يسيرا، عنى به ما يسكن به، ويعتد به في التأثث، فأما لو خلف فيها وتدا أو مكنسة، لم يحنث.
فإن منع من التحول ومنعوا متاعه وأوتقوه وقهروه، فإنه لا يحنث، وإن أقام على ذلك أياما، لأنه ليس بساكن، إنما هو مسكن عن إكراه.
وقال محمد رحمه الله: إذا خرج من ساعته، وخلف متاعه كله في