شرط الانعقاد، لا يكون شرط البقاء، فتكون باقية، فوجد الحنث في آخر اليوم، والحالف من أهل وجوب الكفارة، فيلزمه بخلاف ما إذا مات الحالف، لأنه وجد شرط الحنث، لكن الحالف ليس من أهل وجوب الكفارة بعد الموت فلا يجب.
وأما إذا حلف على النفي بأن قال: والله لا آكل هذا الرغيف اليوم فإن مضى اليوم قبل الاكل، بر في يمينه، لأنه وجد ترك الأكل في اليوم كله. وإن هلك الحالف أو المحلوف عليه بر في يمينه أيضا، لان شرط البر عدم الاكل، وقد تحقق.
وأما إذا عقد اليمين على فعل لا يتصور وجوده أصلا:
بأن قال: والله لأشربن الماء الذي في هذا الكوز وليس في الكوز ماء، فلا ينعقد اليمين عند أبي حنيفة ومحمد رحمة الله عليهما، وعند أبي يوسف: ينعقد، ويحنث للحال فهما يقولان: إن اليمين يعقد للبر، ثم تجب الكفارة، لرفع حكم الحنث، وهو الاثم، فإذا لم يكن البر متصورا، فلا يتصور الحنث، فلا فائدة في انعقاد اليمين.
وعلى هذا الخلاف إذا قال: والله لأقتلن فلانا وهو لا يعلم بموته، لان يمينه تنصرف إلى الحياة التي كانت، وقد فاتت بحيث لا يتصور عودها. فأما إذا كان عالما بموته فإنه تنعقد اليمين بالاجماع، لان يمينه تنصرف إلى الحياة التي تحدث فيه، فيكون البر متصورا، لكنه خلاف المعتاد، فيكون من القسم الثالث، هكذا فصل في الجامع الصغير، وهو الصحيح.
ونظير القسم الثالث أيضا:
إذا قال: والله لأصعدن السماء أو لأحولن هذا الحجر ذهبا أو لأشربن ماء دجلة كله لان البر متصور على خلاف العادة فباعتبار