فأما القاضي والامام إذا عقدا بحكم الولاية، أو أمينهما بأمرهما، لم يلزمهم الخصومة، ولم يصيروا خصما في الباب، إلا أنه ينصب خصما يخاصم في ذلك فما قضى به عليه رجع في مال من وقع التصرف له، وإن كان التصرف للمسلمين رجع في بيت مالهم.
فأما العاقد إن كان صبيا محجورا، أو عبدا محجورا بإذن إنسان، في بيع أو شراء، فلا خصومة عليهما ولا ضمان، وإنما الخصومة على من وكلهما في ذلك التصرف، لان حكم العقد وقع للموكل، والعاقد ليس من أهل لزوم العهدة، فيقوم مقامه في مباشرة التصرف لا غير، بمنزلة الرسول والوكيل في النكاح.
وأما البراءة عن العيوب فنقول:
جملة هذا أنه إذا باع شيئا على أن البائع برئ عن كل عيب، فعم ولم يخص شيئا من العيوب، فإن البيع جائز، والشرط جائز، في قول علمائنا، حتى لو وجد المشتري به عيبا فأراد أن يرده، فليس له ذلك.
وقال الشافعي: البراءة عن كل عيب لا يصح ما لم يسم العيب فيقول: عن عيب كذا.
وكذلك على هذا الخلاف والبراءة، والصلح عن الديون المجهولة.
وإذا لم يصح البراءة عن كل عيب عنده، هل يفسد العقد به أم لا؟
فله فيه قولان:
في قول: يبطل العقد أيضا.
وفي قول: يصح العقد، ويبطل الشرط.
وقال ابن أبي ليلى: ما لم يعين العيب ويضع يده على العيب، ويقول: أبرأتك عن هذا العيب، فإنه لا يصح الابراء.