والصحيح مذهبنا، فإن البيع في العرف غالبا لا يكون بناء على مقدمات، ولفظ المستقبل للعدة في الأصل، ولفظ الامر للمساومة، فيحمل على حقيقته إلا بدليل. ولم يوجد، بخلاف النكاح فإنه بناء على مقدمة الخطبة، فلا يحمل على المساومة بدلالة العادة.
وأما إذا وجد ثلاثة ألفاظ: بأن قال المشتري: بع عبدك هذا مني بألف درهم، فقال البائع: بعت فقال المشتري: اشتريت، فإنه ينعقد بالاجماع.
فأما إذا تبايعا وهما يمشيان أو يسيران على دابة واحدة أو دابتين، فإن كان الايجاب والقبول متصلين وخرج الكلامان من غير فصل بينهما، فإنه يصح البيع، فأما إذا كان بينهما فصل وسكوت، وإن قل، فإنه لا يصح، لان المجلس يتبدل بالمشي والسير، هكذا قال عامة مشايخنا، وقاسوا على آية السجدة (1)، وخيار المخيرة.
وقال بعض مشايخنا: إذا تبايعا في حال السير والمشي، فوجد الايجاب منفصلا عن القبول فإنه ينعقد ما لم يفترقا بأبدانهما، وإن وجد القبول بعد الافتراق لا يجوز، لان القيام عن المجلس دليل الاعراض عن الجواب، فأما السير بلا افتراق فليس بدليل الاعراض، فصح القبول، ويكون جوابا، وهكذا قالوا في خيار المخيرة. أما في تلاوة السجدة فبخلافه، لان الأصل أن تجب السجدة لكل تلاوة، لكن جعلت التلاوات كتلاوة واحدة، عند اتحاد المجلس، والمجلس يختلف بالسير حقيقة.