حكاه المصنف والأصحاب ولم يبين الجمهور قائله وبينه السرخسي في الأمالي فقال هو أبو الطيب بن سلمة واتفق أصحابنا على تغليطه فيه (واما) قول المصنف فإذا قلنا بهذا فهل تجوز النية في جميع الليل فيه وجهان فعبارة مشكلة لأنها توهم اختصاص الخلاف بما إذا قلنا لا تجوز النية مع الفجر ولم يقل هذا أحد من أصحابنا بل الخلاف المذكور في اشتراط النية في النصف الثاني جار سواء جوزنا النية مع الفجر أم لا لان من جوزها مع الفجر لا يمنع صحتها قبله وهذا لا خلاف فيه فلابد من تأويل كلام المصنف والله تعالى أعلم * (وأما) قياس ابن سلمة على اذان الصبح والدفع من المزدلفة فقياس عجيب وأي علة تجمعهما ولو جمعتهما علة فالفرق ظاهر لان اختصاص الاذان والدفع بالنصف الثاني لا حرج فيه بخلاف النية فقد يستغرق كثير من الناس النصف الثاني بالنوم فيؤدى إلى تفويت الصوم وهذا حرج شديد لا أصل له والله تعالى اعلم * (الخامسة) إذا نوى بالليل الصوم ثم أكل أو شرب أو جامع أو أتى بغير ذلك من منافيات الصوم لم تبطل نيته وهكذا لو نوى ونام ثم انتبه قبل الفجر لم تبطل نيته ولا يلزمه تجديدها هذا هو الصواب الذي نص عليه الشافعي وقطع به جمهور الأصحاب إلا ما حكاه المصنف وكثيرون بل الأكثرون عن ابن إسحاق المروزي أنه قال تبطل نيته بالاكل والجماع وغيرهما من المنافيات ويجب تجديدها فإن لم يجددها في الليل لم يصح صومه قال وكذا لو نوى ونام ثم انتبه قبل الفجر لزمه تجديدها فإن لم يجددها لم يصح صومه ولو استمر نومه إلى الفجر لم يضره وصح صومه وهذا المحكى عن أبي إسحاق غلط باتفاق الأصحاب لما ذكره المصنف قال المصنف وآخرون وقيل أن أبا إسحاق رجع عنه وقال ابن الصباغ وآخرون هذا النقل لا يصح عن أبي إسحاق وقال إمام الحرمين رجع أبو إسحاق عن هذا عام حج وأشهد على نفسه وقال القاضي أبو الطيب في المجرد هذا الذي قاله أبو إسحاق غلط قال وحكى أن أبا سعيد الإصطخري لما بلغه قول أبي إسحاق هذا قال هذا خلاف اجماع المسلمين قال ويستتاب أبو إسحاق هذا وقال الدارمي حكى ابن القطان عن أبي بكر الحزني أنه حكى للإصطخري قول أبي إسحاق هذا فقال خرق الاجماع حكاه الحزني لأبي إسحاق بحضرة ابن القطان فلم يتكلم أبو إسحاق قال فلعله رجع فحصل أن الصواب أن النية لا تبطل بشئ من هذا قال امام الحرمين وفى كلام العراقيين تردد في أن الغفلة هل تنزل منزلة النوم يعني أنه إذا تذكر بعدها يجب تجديد النية على الوجه المنسوب إلى أبى اسحق قال والمذهب اطراح كل هذا والله أعلم *
(٢٩١)