أجاب عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الخميس فوصل الجمعة به وهذا لا كراهة فيه بلا خلاف * {فرع} قال الأصحاب وغيرهم الحكمة في كراهة إفراد يوم الجمعة بالصوم ان الدعاء فيه مستحب وهو أرجي فهو يوم دعاء وذكر وعبادة من الغسل والتبكير إلى الصلاة وانتظارها واستماع الخطبة وإكثار الذكر بعدها لقوله تعالي (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا) ويستحب فيه أيضا الاكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من العبادات في يومها فاستحب له الفطر فيه ليكون أعون على هذه الطاعات وأدائها بنشاط وانشراح والتذاذ بها من غير ملل ولا سآمة وهو نظير الحاج بعرفات فان الأولى له الفطر كما سبق لهذه الحكمة (فان قيل) لو كان كذلك لم تزل الكراهة بصيام قبله أو بعده لبقاء المعنى الذي نهى بسببه (فالجواب) انه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه فهذا هو المعتمد في كراهة افراد يوم الجمعة بالصوم (وقيل) سببه خوف المبالغة في تعظيمه بحيث يفتتن به كما افتتن قوم بالسبت وهذا باطل منتقض بصلاة الجمعة وسائر ما شرع في يوم الجمعة مما ليس في غيره من التعظيم والشعائر (وقيل) سببه لئلا يعتقد وجوبه وهذا باطل ومنتقض بيوم الاثنين فإنه يندب صومه ولا يلتفت إلى هذا الخيال البعيد وبيوم عرفة وعاشوراء وغير ذلك فالصواب ما قدمناه والله أعلم * {فرع} في مذاهب العلماء في افراد يوم الجمعة بالصوم * قد ذكرنا أن المشهور من مذهبنا كراهته وبه قال أبو هريرة والزهري وأبو يوسف واحمد واسحق وابن المنذر وقال ملك وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن لا يكره قال مالك في الموطأ لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ومن يقتدى به ينهى عن صيام يوم الجمعة قال وصامه قال وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه وأراه كان يتحراه فهذا كلام مالك
(٤٣٨)