ان خاف ضررا أو فوت حقا بصيام الدهر كره له وإن يخف ضررا ولم يفوت حقا لم يكره هذا هو الصحيح الذي نص عليه الشافعي وقطع به المصنف والجمهور وأطلق البغوي وطائفة قليلة أن صوم الدهر مكروه وأطلق الغزالي في الوسيط انه مسنون وكذا قال الدارمي من قدر على صوم الدهر من غير مشقة ففعل فهو فضل وقال الشافعي في البويطي لا بأس بسرد الصوم إذا أفطر أيام النهى الخمسة قال صاحب الشامل بعد أن ذكر النص وبهذا قال عامة العلماء * {فرع} في مذاهب العلماء في صيام الدهر إذا أفطر أيام النهي الخمسة وهي العيدان والتشريق قد ذكرنا ان مذهبنا انه لا يكره إذا لم يخف منه ضررا ولم يفوت به حقا قال صاحب الشامل وبه قال عامة العلماء وكذا نقله القاضي عياض وغيره عن جماهير العلماء وممن نقلوا عنه ذلك عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبو طلحة وعائشة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم والجمهور من بعدهم وقال أبو يوسف وغيره من أصحاب أبي حنيفة يكره مطلقا * واحتجوا بحديث ابن عمرو بن العاص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا صام من صام الأبد لا صام من صام الأبد " رواه البخاري ومسلم وعن أبي قتادة ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال " يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله قال لا صام ولا أفطر أو لم يصم ولم يفطر " واحتج أصحابنا بحديث عائشة ان حمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال " يا رسول الله إني رجل أسرد الصوم أفأصوم في السفر فقال صم إن شئت وأفطر إن شئت " رواه مسلم وموضع الدلالة ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه سرد الصوم لا سيما وقد عرض به في السفر وعن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه ومسلم قال " من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا وعقد تسعين " رواه البيهقي هكذا مرفوعا وموقوفا على أبى موسى واحتج به البيهقي على أنه لا كراهة في صوم الدهر وافتتح الباب به فهو عنده المعتمد في المسألة وأشار غيره إلى الاستدلال به على كراهته والصحيح ما ذهب إليه البيهقي ومعني ضيقت عليه أي عنه فلم يدخلها أو ضيقت عليه أي لا يكون له فيها موضع وعن أبي مالك الأشعري الصحابي رضي الله عنه قال " قال رسول الله
(٣٨٩)