وجهان (أحدهما) تجب لأنا جعلناه مفطرا باختياره (والثاني) لا تجب للشبهة هذا كلام صاحب الحاوي قلت هذا الخلاف في فطره شبيه بالخلاف فيمن أكره على كلمة الطلاق فقصد إيقاعه ففي وقوعه خلاف مشهور حكاه المصنف والأصحاب وجهين (أحدهما) لا يقع لان اللفظ سقط أثره بالاكراه وبقى مجرد نية والنية وحدها لا يقع بها طلاق (وأصحهما) يقع لوجود قصد الطلاق بلفظه وينبغي أن يكون الأصح في مسألة الصوم أنه إن حصل بالانزال تفكر وقصد وتلذذ أفطر وإلا فلا والله تعالى أعلم * {فرع} ذكرنا أن الأصح عندنا أن المكره على الاكل وغيره لا يبطل صومه وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد يبطل والله تعالى أعلم * * قال المنصف رحمه الله تعالى * {وإن تمضمض أو استنشق فوصل الماء إلى جوفه أو دماغه فقد نص فيه على قولين (فمن) أصحابنا من قال القولان إذا لم يبالغ فأما إذا بالغ فيبطل صومه قولا واحدا وهو الصحيح لان النبي صلى الله عليه وسلم قال للقيط بن صبرة " إذا استنشقت فأبلغ الوضوء إلا أن تكون صائما " فنهاه عن المبالغة فلو لم يكن وصول الماء في المبالغة يبطل الصوم لم يكن للنهي عن المبالغة معني ولان المبالغة منهى عنها في الصوم وما تولد من سبب منهي عنه فهو كالمباشرة والدليل عليه انه إذا جرح انسانا فمات جعل كأنه باشر قتله (ومن) اصحبنا من قال هي على قولين بالغ أو لم يبالغ (أحدهما) يبطل صومه لقوله صلى الله عليه وسلم لمن قبل وهو صائم " أرأيت لو تمضمضت " فشبه القبلة بالمضمضة وإذا قبل فأنزل بطل صومه فكذلك إذا تمضمض فنزل الماء إلى جوفه وجب ان يبطل صومه (والثاني) لا يبطل لأنه وصل إلى جوفه بغير اختياره فلم يبطل صومه كغبار الطريق وغربلة الدقيق} * {الشرح} حديث لقيط سبق بيانه قريبا في فصل تحريم الطعام والشراب على الصائم وحديث قبلة الصائم وتشبيهها بالمضمضة بيناه قريبا (اما) حكم المسألة فاتفق أصحابنا ونصوص الشافعي رضي الله عنه على أنه يستحب للصائم المضمضة والاستنشاق في وضوئه كما يستحبان لغيره لكن تكره المبالغة فيهما لما سبق في باب الوضوء فلو سبق الماء فحاصل الخلاف في المضمضة والاستنشاق إذا وصل الماء منهما جوفه أو دماغه ثلاثة أقوال (أصحها) عند الأصحاب ان بالغ أفطر والا فلا (والثاني) يفطر مطلقا (والثالث) لا يفطر مطلقا والخلاف فيمن هو ذاكر للصوم عالم بالتحريم فإن كان ناسيا أو جاهلا لم يبطل بلا خلاف كما سبق ولو غسل فمه من نجاسة فسبق الماء إلى جوفه فهو كسبقه في المضمضة فلو بالغ ههنا قال الرافعي هذه المبالغة لحاجة فينبغي أن تكون كالمضمضة بلا مبالغة لأنه مأمور بالمبالغة
(٣٢٦)