قال أصحابنا النخامة إن لم تحصل في حد الظاهر من الفم لم تضر بالاتفاق فان حصلت فيه بانصبابها من الدماغ في الثقبة النافدة منه إلى أقصى الفم فوق الحلقوم نظر إن لم يقدر على صرفها ومجها حتى نزلت إلى الجوف لم تضر وإن ردها إلى فضاء الفم أو ارتدت إليه ثم ابتلعها أفطر على المذهب وبه قطع الجمهور وحكي صاحب العدة والبيان وجها أنه لا يفطر لان جنسها معفو عنه وهذا شاذ مرود وان قدر على قطعها من مجراها ومجها فتركها حتى جرت بنفسها فوجهان حكاهما امام الحرمين وغيره (أحدهما) يفطر لتقصيره قال الرافعي وهذا هو الأوفق لكلام الأصحاب (والثاني) لا يفطر لأنه لم يفعل شيئا وإنما ترك الدفع فلم يفطر كما لو وصل الغبار إلى جوفه مع إمكان اطباق فيه ولم يطبقه فإنه لا يفطر قال الشيخ أبو عمر وبن الصلاح ولعل هذا الوجه أقرب قال ولم أجد ذكرا لأصحهما والله تعالى اعلم (الخامسة) قال الشافعي والأصحاب إذا تقايأ عمدا بطل صومه وان ذرعه القئ أي غلبه لم يبطل وهذان الطرفان لا خلاف فيهما عندنا وفى سبب الفطر بالقئ عمدا وجهان مشهوران وقد يفهمان من كلام المصنف (أصحهما) ان نفس الاستقاءة مفطرة كانزال المني بالاستمناء (والثاني) أن المفطر رجوع شئ مما خرج وإن قل فلو تقايأ عمدا منكوسا أو تحفظ بحيث تيقن أنه لم يرجع شئ إلى جوفه (فان قلنا) المفطر نفس الاستقاءة أفطر وإلا فلا قال امام الحرمين فلو استقاء عمدا وتحفظ جهده فغلبه القئ ورجع شئ (فان قلنا) الاستقاءة مفطرة بنفسها فهنا أولى (وان قلتا لا يفطر الا برجوع شئ فهو على الخلاف في المبالغة في المضمضة إذا سبق الماء إلى جوفه قال أصحابنا:
وحيث أفطر بالقئ عمدا لزمه القضاء في الصوم الواجب ولا كفارة عليه إن كان في رمضان والله تعالى اعلم * {فرع} إذا اقتلع نخامة من باطنه ولفظها لم يفطر على المذهب وبه قطع الحناطي وكثيرون وحكي الشيخ أبو محمد الجويني فيه وجهين (أصحهما) لا يفطر لأنه مما تدعو إليه الحاجة (والثاني) يفطر كالقئ قال الغزالي مخرج الحاء المهملة من الباطن والخاء المعجمة من الظاهر ووافقه الرافعي فقال هذا ظاهر لان المهملة تخرج من الحلق والحلق باطن والمعجمة تخرج مما قبل الغلصمة قال الرافعي لكن يشبه أن يكون قدر مما بعد مخرج المهملة من الظاهر أيضا هذا كلام الرافعي والصحيح أن المهملة أيضا من الظاهر وعجب كونه ضبط بالمهملة التي هي من وسط الحلق ولم يضبط بالهاء أو الهمزة فإنهما من أقصى الحلق (واما) الخاء المعجمة فمن أدنى الحلق وكل هذا مشهور لأهل العربية والله تعالى اعلم {فرع} في مذاهب العلماء في القئ * قد ذكرنا أن مذهبنا ان من تقايأ عمدا أفطر ولا كفارة