في كلام الماوردي في هذا الباب في مسألة رؤية الهلال في بلد دون بلد وقد سبق في باب مواقيت الصلاة ان الأحكام المتعلقة بالفجر تتعلق كلها بالفجر الثاني ولا يتعلق بالفجر الأول الكاذب شئ من الأحكام باجماع المسلمين وسبق هناك بيان دلائله والأحاديث الصحيحة فيه * {فرع} هذا الذي ذكرناه من الدخول في الصوم بطلوع الفجر وتحريم الطعام والشراب والجماع به هو مذهبنا ومذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم قال ابن المنذر وبه قال عمر بن الخطاب وابن عباس وعلماء الأمصار قال وبه نقول قال روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال حين صلى الفجر الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود قال وروى عن حذيفة أنه لما طلع الفجر تسحر ثم صلى قال وروى معناه عن ابن مسعود وقال مسروق لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملا البيوت والطرق قال وكان إسحاق يميل إلى القول الأول من غير أن يطعن علي الآخرين قال إسحاق ولا قضاء على من أكل في الوقت الذي قاله هؤلاء هذا كلام ابن المنذر * وحكى أصحابنا عن الأعمش وإسحاق بن راهويه انهما جوزا الاكل وغيره إلى طلوع الشمس ولا أظنه يصح عنهما * واحتج أصحابنا والجمهور على هؤلاء بالأحاديث الصحيحة المشهورة المتظاهرة (منها) حديث عدى بن حاتم رضي الله عنه قال " لما نزلت حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر قلت يا رسول الله انى أجعل تحت وسادتي عقالين عقالا ابيض وعقالا اسود اعرف الليل من النهار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان وسادك لعريض إنما هو سواد الليل وبياض النهار " رواه البخاري ومسلم * وعن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال " أنزلت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله تعالى من الفجر فعلموا أنه يعنى به الليل من النهار " رواه البخاري ومسلم وفى رواية مسلم رئتهما بالراء مهموز وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا العارض لعمود الصبح حتى يستطير " رواه مسلم وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يمنعن أحدكم أو أحدا منكم أذان بلال من سحوره فإنه يؤذن أو ينادى بليل ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم وليس أن يقول الفجر أو الصبح وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل حتى يقول
(٣٠٥)