إليها (واما) ما روى عن ابن عمر وابن عباس من النهى عنهما يوم الجمعة قبل الصلاة فباطل ذكره البيهقي وضعفه (واما) حديث الاعتمام فرواه عمرو بن حريث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " خطب الناس وعليه عمامة سوداء " رواه مسلم في صحيحة واما لبس البرد فرواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال " كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد يلبسه في العيدين والجمعة " رواه البيهقي وقوله صلى الله عليه وسلم واستن - بتشديد النون - أي تسوك ويقال انصت ونصت وتنصت ثلث لغات ذكرهن الأزهري وغيره أفصحهن أنصت وبها جاء القرآن العزيز وسبق في الانصات للخطبة بيان الفرق بينه وبين الاستماع وسمرة بن جندب ضم الدال وفتحها (وقوله) أفضل الثياب البياض كان الأحسن أن يقول البيض ويصح البياض على تقدير أفضل ألوان الثياب البياض وهو معنى الحديث البسوا ثياب البيض أي ثياب الألوان البيض والبسوا بفتح الباء * اما أحكام الفصل فقال أصحابنا يستحب مع الاغتسال للجمعة أن يتنظف بإزالة أظفار وشعر وما يحتاج إلى ازالتهما كوسخ ونحوه وأن يتطيب ويدهن ويتسوك ويلبس أحسن ثيابه وأفضلها البيض ويستحب للامام أكثر مما يستحب لغيره من الزينة وغيرها وأن يتعمم ويرتدى وأفضل ثيابه البيض كغيره هذا هو المشهور وذكر الغزالي في الاحياء كراهة لباسه السواد وقاله قبله أبو طالب المكي وخالفهما الماوردي فقال في الحاوي يجوز للامام لبس البياض والسواد قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة يلبسون البياض واعتم النبي صلى الله عليه وسلم بعمامة سوداء قال وأول من أحدث السواد بنو العباس في خلافتهم شعارا لهم ولان الراية التي عقدت للعباس يوم فتح مكة ويوم حنين كانت سوداء وكانت راية الأنصار صفراء قال فينبغي للامام أن يلبس السواد إذا كان السلطان له مؤثرا لما في تركه من مخالفته وقال في كتابه الأحكام السلطانية ينبغي للامام أن يلبس السواد ويستدل بحديث عمرو ابن حريث والصحيح أنه يلبس البياض دون السواد إلا أن يغلب على ظنه ترتب مفسدة على ذلك من جهة السلطان أو غيره والله أعلم * واعلم أن هذا المذكور من استحباب الغسل والطيب والتنظف بإزالة الشعور المذكورة والظفر والروائح الكريهة ولبس أحسن ثيابه ليس مختصا بالجمعة بل هو مستحب لكل من أراد حضور مجمع من مجامع الناس نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب وغيرهم قال الشافعي أحب ذلك كله للجمعة والعيدين وكل مجمع تجتمع فيه الناس قال وأنا لذلك في الجمع ونحوها أشد استحبابا قال الشافعي والأصحاب وتستحب هذه الأمور لكل من أراد حضور الجمعة ونحوها سواء الرجال والصبيان والعبيد الا النساء فيكره لمن أرادت منهن الحضور الطيب والزينة وفاخر الثياب ويستحب لها قطع الرائحة الكريهة وإزالة الظفر والشعور المكروهة *
(٥٣٨)