لم يحسب بقية الليل ويحسب الغد هذا كله في غير المحارب أما المحارب وهو المقيم على القتال بحق ففيه قولان مشهوران (أحدهما) يقصر ابدا لما ذكره المصنف وهو اختيار المزني ومذهب مالك وأبي حنيفة واحمد وعلى هذا يقصر ابدا وان نوى إقامة أكثر من أربعة أيام (وأصحهما) عند الأصحاب أنه كغيره فلا يقصر إذا نوى إقامة أربعة أيام وممن صححه القاضي أبو الطيب والماوردي والرافعي وآخرون قال الشيخ أبو حامد والمحاملي وهو اختيار الشافعي وأجابوا عن حديث أنس بأنهم لم يقيموا تسعة أشهر في مكان واحد بل كانوا يتنقلون في تلك الناحية: أما إذا أقام في بلد أو قرية لشغل فله حالان (أحدهما) أن يتوقع انقضاء شغله قبل أربعة أيام ونوى الارتحال عند فراغه فله القصر إلى أربعة أيام بلا خلاف وفيما زاد عليها طريقان (الصحيح) منهما قول الجمهور أنه على ثلاثة أقوال (أحدها) يجوز القصر ابدا سواء فيه المقيم لقتال أو لخوف من القتال أو لتجارة وغيرها (والثاني) لا يجوز القصر أصلا (والثالث) وهو الأصح عند الأصحاب يجوز القصر ثمانية عشر يوما فقط وقيل على هذا يجوز سبعة عشر وقيل تسعة عشر وقيل عشرين وسمي امام الحرمين هذه أقوالا والطريق الثاني أن هذه الأقوال في المحارب وأما غيره فلا يجوز له القصر بعد أربعة أيام قولا واحدا وبه قال أبو إسحاق كما حكاه المصنف عنه وإذا جمعت هذه الأقوال والأوجه وسميت أقوالا كانت سبعة (أحدها) لا يجوز القصر بعد أربعة أيام (والثاني) يجوز إلى سبعة عشر يوما (وأصحها) إلى ثمانية عشر (والرابع) إلى تسعة عشر (والخامس) إلى عشرين (والسادس) ابدا (والسابع) للمحارب مجاوزة أربعة وليس لغيره ودليل الجميع يعرف مما ذكره المصنف وذكرناه (الحال الثاني) أن يعلم أن شغله لا يفرغ قبل أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج كالمتفقه والمقيم لتجارة كبيرة ولصلاة الجمعة ونحوها وبينه وبينها أربعة أيام فأكثر فإن كان محاربا وقلنا في الحال الأول لا يقصر فههنا
(٣٦٢)