يترك الاضطجاع بيانا لكونه ليس بواجب كما كان يترك كثيرا من المختارات في بعض الأوقات بيانا للجواز كالوضوء مرة مرة ونظائره ولا يلزم من هذا أن يكون الاضطجاع وتركه سواء ولا بد من أحد هذين التأويلين للجمع بين هذه الرواية وروايات عائشة السابقة وحديث أبي هريرة المصرح بالأمر بالاضطجاع والله أعلم وقد نقل القاضي عياض في شرح مسلم استحباب الاضطجاع بعد سنة الفجر عن الشافعي وأصحابه ثم أنكره عليهم وقال قال مالك وجمهور العلماء وجماعة من الصحابة ليس هو سنة بل سموه بدعة واستدل بان أحاديث عائشة في بعضها الاضطجاع قبل ركعتي الفجر بعد صلاة الليل وفى بعضها بعد ركعتي الفجر وفى حديث ابن عباس قبل ركعتي الفجر فدل على أنه لم يكن مقصوده وهذا الذي قاله مردود بحديث أبي هريرة الصريح في الامر بها وكونه صلى الله عليه وسلم اضطجع في بعض الأوقات أو أكثرها أو كلها بعد صلاة الليل لا يمنع أن يضطجع أيضا بعد ركعتي الفجر وقد صح اضطجاعه بعدهما وأمره به فتعين المصير إليه ويكون سنة وتركه يجوز جمعا بين الأدلة وقال البيهقي في السنن الكبير أشار الشافعي إلى أن المراد بهذا الاضطجاع الفصل بين النافلة والفريضة فيحصل بالاضطجاع والتحدث أو التحول من ذلك المكان أو نحو ذلك ولا يتعين الاضطجاع هذا ما نقله البيهقي والمختار الاضطجاع لظاهر حديث أبي هريرة واما ما رواه البيهقي عن ابن عمر أنه قال هي بدعة فاسناده ضعيف ولأنه نفى فوجب تقديم الاثبات عليه والله أعلم (الرابعة) يستحب عندنا وعند أكثر العلماء فعل السنن الراتبة في السفر لكنها في الحضر آكد وسنوضح المسألة بفروعها ودليلها ومذاهب العلماء فيها في باب صلاة المسافرين إن شاء الله تعالى ومما تقدم الاستدلال به حديث أبي قتادة رضي الله عنه الطويل المشتمل على معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم
(٢٩)