الجمعة شرط لصحة الصلاة وشأن الشرط أن يقدم ولان الجمعة فريضة فاخرت الصلاة ليدركها المتأخر وللتمييز بين الفرض والنفل ومن شرط الخطبتين كونهما في وقت الظهر فلو خطب الخطبتين أو بعضهما قبل الزوال ثم صلي بعدهما لم يصح بلا خلاف عندنا نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب وجوزه مالك واحمد وقد أهمل المصنف بيان هذا الشرط هنا وفى التنبيه * (فرع) في مذاهب العلماء في الخطبة * قد ذكرنا أن مذهبنا أن تقدم خطبتين شرط لصحة الجمعة وان من شرطها العدد الذي تنعقد به الجمعة وبهذه الجملة قال مالك وأحمد والجمهور * وقال أبو حنيفة الخطبة شرط ولكن تجزئ خطبة واحدة ولا يشترط العدد لسماعها كالأذان وحكى بن المنذر عن الحسن البصري أن الجمعة تصح بلا خطبة وبه قال داود وعبد الملك من أصحاب مالك قال القاضي عياض وروى عن مالك * دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " وثبتت صلاته صلى الله عليه وسلم بعد خطبتين * * قال المصنف رحمه الله تعالى * (ومن شرطها القيام مع القدرة والفصل بينهما بجلسة لما روى جابر بن سمرة قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم ويقرأ آيات ويذكر الله تعالى " ولأنه أحد فرضي الجمعة فوجب فيه القيام والقعود كالصلاة) * (الشرح) حديث جابر هذا صحيح رواه مسلم ولكن قال يقرأ القرآن ويذكر الناس والباقي سواء وجابر وأبوه سمرة صحابيان رضي الله عنهما قال الشافعي والأصحاب يشترط لصحة الخطبتين القيام فيهما مع القدرة والجلوس بينهما مع القدرة فان عجز عن القيام استحب له أن يستخلف فان خطب قاعدا أو مضطجعا للعجز جاز بلا خلاف كالصلاة قال أصحابنا ويصح الاقتداء به حينئذ سواء صرح بأنه لا يستطيع القيام أم سكت لأن الظاهر أن قعوده للعجز فان بان أنه كان قادرا على القيام قال أصحابنا فهو كما لو بان محدثا والمذهب أنه تصح صلاتهم ان تم العدد دونه وان نقص لم تصح بلا خلاف ولا تصح صلاته هو على التقديرين قال الشافعي وأصحابنا فلو علموا قدرته على القيام لم تصح صلاتهم وان ظهر لهم قدرته فأخبرهم بعجزه اعتمدوه وصحت صلاتهم قال الشافعي والشيخ أبو حامد والبندنيجي وصاحب العدة وغيرهم فان علم بعضهم دون بعض بقدرته لم تصح صلاة العالمين وتصح صلاة الآخرين ان تم بهم العدد وإلا فلا وحكي الرافعي وجها أن الخطبة تصح قاعدا مع القدرة على القيام وهو شاذ ضعيف أو باطل وأما الجلوس بينهما فواجب بالاتفاق وتجب الطمأنينة فيه صرح به امام الحرمين وآخرون قال أصحابنا وهذا الجلوس خفيف جدا قدر سورة الاخلاص تقريبا
(٥١٤)