لان القرية الواحدة لا يختلف حكمها قال الامام وغيره ولو كان فيهم من جاوز العادة في حدة السماع فلا تعويل على سماعه ولو كانت قرية على قلة جبل فسمع أهلها النداء لعلوها بحيث لو كانت على أرض مستوية لم يسمعوا أو كانت قرية في واد ونحوه لا يسمع أهلها النداء لانخفاضها ولو كانت على أرض مستوية لسمعوا فوجهان (أصحهما) وبه قال القاضي أبو الطيب الاعتبار بتقدير الاستواء فلا تجب الجمعة على العالية وتجب على المنخفضة (والثاني) عكسه اعتبارا بنفس السماع وبه قال الشيخ أبو حامد والبندنيجي أما إذا سمع أهل القرية الناقصون عن أربعين النداء من بلدين فأيهما حضروه جاز والأولى حضور أكثرهما جماعة والله أعلم * (فرع) في مذاهب العلماء فيمن تجب عليه الجمعة إذا كان خارج البلد ونقص عددهم عن أربعين * قد ذكرنا أن مذهبنا وجوبها على من بلغه نداء البلد دون غيره وبه قال ابن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب واحمد واسحق قال ابن المنذر وقال ابن عمر بن الخطاب وأنس وأبو هريرة ومعاوية والحسن ونافع مولي بن عمر وعكرمة وعطاء والحكم والأوزاعي وأبو ثور تجب على من يمكنه إذا فعلها ان يرجع إلى أهله فيبيت فيهم وقال الزهري تجب على من بينه وبين البلد ستة أميال وقال مالك والليث ثلاثة أميال وقال محمد بن المنذر وربيعة أربعة أميال وهي رواية عن الزهري وقال أبو حنيفة وسائر أهل الرأي لا تجب على من هو خارج البلد سواء سمع النداء أم لا وحكي الشيخ أبو حامد عن عطاء انها تجب على من هو على عشرة أميال * واحتج لأبي حنيفة بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا جمعة ولا تشريق الا في مصر " واحتج لابن عمر وموافقيه بحديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الجمعة على من آواه الليل إلى أهله " دليلنا حديث ابن عمرو بن العاص المذكور في الكتاب (واما حديث) " لا جمعة ولا تشريق الا في مصر " (فجوابه) من وجهين (أحدهما) انه ضعف جدا (والثاني) لو صح لكان معناه لا تصح الا في مصر واما حديث أبي هريرة فضعيف جدا وممن ضعفه الترمذي والبيهقي وفى اسناده رجل منكر الحديث وآخر مجهول قال الترمذي ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ * * قال المصنف رحمه الله *
(٤٨٨)