(فرع) ذكرنا أن الصحيح عندنا استحباب قضاء النوافل الراتبة وبه قال محمد والمزني وأحمد في رواية عنه وقال أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف في أشهر الرواية عنهما لا يقضي دليلنا هذه الأحاديث الصحيحة * قال المصنفة رحمه الله * (وأما غير الراتبة فهي الصلوات التي يتطوع الانسان بها في الليل والنهار وأفضلها التهجد لما روى أبو هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " أفضل الصلاة بعد المفروضة صلاة الليل " وانها تفعل في وقت غفلة الناس وتركهم الطاعات فكانت أفضل ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم " ذاكروا الله في الغافلين كشجرة خضراء بين أشجار يابسة " وآخر الليل أفضل من أوله لقوله تعالي (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون) ولان الصلاة بعد النوم أشق ولان المصلين فيه أقل فكان أفضل فان جزأ الليل ثلاثة أجزاء فالثلث الأوسط أفضل لما روى عبد الله ابن عمر ورضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود كان ينادى نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه " ولان الطاعات في هذا الوقت أقل فكانت الصلاة فيه أفضل ويكره أن يقوم الليل كله لما روى عبد الله ابن عمر وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له " تصوم النهار قلت نعم قال وتقوم الليل فقلت نعم قال لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس منى ") * (الشرح) حديث أبي هريرة رواه مسلم وأما الحديث الأول عن عبد الله بن عمرو بن العاص فرواه البخاري ومسلم وأما حديثه الاخر فرواه البخاري ومسلم بهذا اللفظ ولفظه عندهما ان عبد الله ابن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألم أخبر انك تصوم النهار وتقوم الليل فقلت بلي يا رسول الله قال فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فأن لجسدك عليك حقا وأن لعينك عليك حقا " وذكر الحديث ورويا في الصحيحين هذا اللفظ المذكور في المهذب من رواية أنس واعلم أنه يقع في أكثر النسخ في الحديث الأول عبد الله ابن عمر بغير واو فيقتضى أن يكون عبد الله بن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وهذا غلط صريح لا شك فيه ولا تأويل له وصوابه عبد الله ابن عمرو ابن العاص كما ذكرناه أولا وحديثه هذا في الصحيحين وسائر كتب الحديث قال العلماء التهجد أصله الصلاة
(٤٣)