بالمعروف والمنكر حيث لا يحتاج إلى مؤنة بعد ذلك ومن ثم كان من لوازم كمال الايمان التي لا تفارقه، بل هو روح الايمان بالدين وجوهره.
ويترتب عليه أن المؤمن إن صدرت منه الحسنة سرته وأنس بها، وإن صدرت منه السيئة سائته وندم عليها، وأنب نفسه، وعلى هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام قولهم: " من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن ". وكذا إذا صدرت الحسنة من غيره فهو يأنس بها ويبارك له، وإن صدرت السيئة من غيره أنكرها في نفسه وأنكر عمله، وعلى هذا ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: " إنما يجمع الناس الرضا والسخط، فمن رضي أمرا فقد دخل فيه ومن سخطه فقد خرج منه ".
واللازم على المؤمن شدة الاهتمام بهذه الجهة والحذر من التفريط فيها. فإن كثرة وقوع المعاصي وألفتها والتعود عليها قد توجب خفة الاستياء منها والغضب لها، حتى يغفل المؤمن عن قبحها، ويأنس بها تدريجا كما أن قلة المعروف وندرته قد توجب إنكاره والنفرة منه، فيصير المعروف منكرا والمنكر معروفا كما تقدم في الحديث الشريف. وبذلك تنسلخ روح الايمان وتنطفئ جذوته نعوذ بالله تعالى من خذلانه.
المقام الثاني: في الموقف العملي الذي تقدم أنه المراد بالأمر المعروف والنهي عن المنكر. والظاهر أنه يجب بشرطين:
الأول: احتمال ترتب الفائدة عليه إما في حق القائم به عن المعصية أو في حق غيره ممن قد يتأسى به ويتشجع عليها بفعله، بحيث يحتمل كون القيام بالموقف المذكور سببا في تقليل المعصية ومانعا من انتشارها.
الثاني: أن لا يخاف منه ضرر على النفس أو المال أو العرض على من يقوم