فيحتمل أن يراد عرف المخاطب فيكون المعيار العرف الخاص بالمتبايعين. نعم مع العلم بالعرف العام لا عبرة بالعرف الخاص لمقطوعة ابن هاشم الآتية، فتأمل وأبعد شئ في المقام ما ذكره في جامع المقاصد: من أن الحقيقة العرفية يعتبر فيها ما كان يعتبر في حمل اطلاق لفظ الشارع عليها، فلو تغيرت في عصر بعد استقرارها فيما قبله انتهى.
وبالجملة، فإتمام المسائل الثلاث بالأخبار مشكل، لكن الظاهر أن كلها متفق عليها. نعم اختلفوا فيما إذا كان البلاد مختلفة في أن لكل بلد حكم نفسه من حيث الربا أو أنه يغلب جانب التحريم، كما عليه جماعة من أصحابنا، لكن الظاهر اختصاص هذا الحكم بالربا، لا في جواز البيع جزافا في بلد لا يتعارف فيه التقدير، ثم إنه يشكل الأمر فيما علم كونه مقدرا في زمان الشارع، لكن لم يعلم أن تقديره بالكيل أو بالوزن ففيه وجوه أقواها وأحوطها اعتبار ما هو أبعد من الغرر، وأشكل من ذلك ما لو علم كون الشئ غير مكيل في زمن الشارع أو في العرف العام، مع لزوم الغرر فيه عند قوم خاص ولا يمكن جعل ترخيص الشارع لبيعه جزافا تخصيصا لأدلة نفي الغرر لاحتمال كون ذلك الشئ من المتبدلات في زمن الشارع أو في العرف بحيث يتحرز عن الغرر بمشاهدته. وقد بلغ عند قوم في العزة إلى حيث لا يتسامح فيها، فالأقوى وجوب الاعتبار في الفرض المذكور بما يندفع به الغرر من الكيل أو الوزن أو العد.
وبالجملة فالأولى جعل المدار فيما لا اجماع فيه على وجوب التقدير بما بنى الأمر في مقام استعلام مالية الشئ على ذلك التقدير، فإذا سئل عن مقدار ما عنده من الجوز فيجاب بذكر العدد، بخلاف ما إذا سئل عن مقدار مالية ما عنده من الرمان والبطيخ، فإنه لا يجاب إلا بالوزن، وإذا سئل عن مقدار الحنطة والشعير، فربما يجاب بالكيل وربما يجاب بالوزن. لكن الجواب بالكيل مختص بمن يعرف مقدار الكيل من حيث الوزن، إذ الكيل بنفسه غير منضبط بخلاف الوزن وقد تقدم أن الوزن أصل في الكيل وما ذكرنا هو المراد بالمكيل والموزون الذين حمل عليهما الحكم بوجوب الاعتبار بالكيل والوزن عند البيع وبدخول الربا فيهما، وأما ما لا يعتبر مقدار ماليته بالتقدير بأحد الثلاثة كالماء والتبن والخضريات.